الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ ٱللَّهِ وَٱلْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ ٱلْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }

{ يَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلشَّهْرِ ٱلْحَرَامِ } أخرج ابن إسحق، وابن جرير، وابن أبـي حاتم، والبيهقي من طريق زيد بن رومان عن عروة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش، وهو ابن عمة النبـي صلى الله عليه وسلم إلى نخلة فقال: كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال، وذلك في الشهر الحرام؛ وكتب له كتاباً قبل أن يعلمه أين يسير فقال: أخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك، وانظر فيه فما أمرتك به فامض له ولا تستكره أحداً من أصحابك على الذهاب معك. فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه «أنِ امض حتى تنزل نخلة فأتنا من أخبار قريش، بما اتصل إليك منهم» فقال لأصحابه: وكانوا ثمانية حين قرأ الكتاب سمعاً وطاعة من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق معي فإني ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كره ذلك منكم فليرجع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاني أن أستكره منكم أحداً فمضى معه القوم حتى إذا كانوا بنجران أضل سعد بن أبـي وقاص، وعتبة بن غزوان بعيراً لهما كانا يعتقبانه فتخلفا عليه يطلبانه ومضى القوم حتى نزلوا نخلة فمر بهم عمرو بن الحضرمي، والحكم بن كيسان، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة، ونوفل بن عبد الله معهم تجارة قد مروا بها من الطائف أدم، وزبيب فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله، وكان قد حلق رأسه فلما رأوه حليقاً قالوا: عُمَّار ليس عليكم منهم بأس وأتمر القوم بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان آخر يوم من جمادى فقالوا: لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام ولئن تركتموهم ليدخلن في هذه الليلة ـ مكة الحرام ـ فليمتنعن [به] منكم فأجمع القوم على قتلهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وأفلت نوفل وأعجزهم واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم والله ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فأوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسيرين والعير فلم يأخذ منها شيئاً فلما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال: سقط في أيديهم، وظنوا أن قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين، وقالت قريش: حين بلغهم أمر هؤلاء قد سفك محمد صلى الله عليه وسلم الدم الحرام وأخذ المال وأسر الرجال، واستحل الشهر الحرام فنزلت فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم / العير وفدى الأسيرين، وفي «سيرة ابن سيد الناس» أن ذلك في رجب وأنهم لقوا أولئك في آخر يوم منه، وفي رواية الزهري عن عروة أنه لما بلغ كفار قريش تلك الفعلة ركب وفد منهم حتى قدموا على النبـي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أيحل القتال في الشهر الحرام؟ فأنزل الله تعالى الآية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6