الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْداً }

{ وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ } أي نسلب ذلك ونأخذه بموته أخذ الوارث ما يرثه، والمراد بما يقول مسماه ومصداقه وهو ما أوتيه في الدنيا من المال والولد يقول الرجل: أنا أملك كذا فتقول: ولي فوق ما تقول، والمعنى على المضي وكذا فييَقُولُ } [مريم: 79] السابق، وفيه إيذان بأنه ليس لما قال مصداق موجود سوى ما ذكر، و (ما) إما بدل من الضمير بدل اشتمال وإما مفعول به أي نرث منه ما آتيناه في الدنيا { وَيَأْتِينَا } يوم القيامة { فَرْداً } لا يصحبه مال ولا ولد كان له فضلاً أن يؤتى ثمة زائداً، وفي حرف ابن مسعود (ونرثه ما عنده ويأتينا فرداً لا مال له ولا ولد) وهو ظاهر في المعنى المذكور، وقيل: المعنى نحرمه ما زعم أنه يناله في الآخرة من المال والولد ونعطيه لغيره من المستحقين، وروي هذا عن أبـي سهل، وتفسير الإرث بذلك تفسير باللازم و { مَا يَقُولُ } مراد منه مسماه أيضاً والولد الذي يعطى للغير ينبغي أن يكون ولد ذلك الغير الذي كان له في الدنيا وإعطاؤه إياه بأن يجمع بينه وبينه حسبما يشتهيه وهذا مبني على أنه لا توالد في الجنة. وقد اختلف العلماء في ذلك فقال جمع: منهم مجاهد وطاوس وإبراهيم النخعي بعدم التوالد احتجاجاً بما في حديث لقيط رضي الله تعالى عنه الطويل الذي عليه من الجلالة والمهابة ونور النبوة ما ينادي على صحته، وقال فيه أبو عبد الله بن منده لا ينكره إلا جاحد أو جاهل، وقد خرجه جماعة من أئمة السنة من قوله: قلت يا رسول الله أولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟ قال صلى الله عليه وسلم: " المصلحات للمصلحين تلذذونهن ويلذذنكم مثل لذاتكم في الدنيا غير أن لا تتوالد " ، وبما روي عن أبـي رزين العقيلي عن النبـي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أهل الجنة لا يكون لهم ولد " وقالت فرقة بالتوالد احتجاجاً بما أخرجه الترمذي في «جامعه» عن أبـي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي " وقال حسن غريب، وبما أخرجه أبو نعيم عن أبـي سعيد أيضاً قيل يا رسول الله أيولد لأهل الجنة فإن الولد من تمام السرور؟ فقال عليه الصلاة والسلام: " نعم والذي نفسي بيده وما هو إلا كقدر ما يتمنى أحدكم فيكون حمله ورضاعه وشبابه " وأجابت عما تقدم بأن المراد نفي أن يكون توالد أو ولد على الوجه المعهود في الدنيا.

السابقالتالي
2