الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَٱجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً }

وقوله: { يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ } صفة لولياً كما هو المتبادر من الجمل الواقعة بعد النكرات، ويقال: ورثه وورث منه لغتان كما قيل، وقيل من للتبعيض لا للتعدية، وآل الرجل خاصته الذين يؤل إليه أمرهم للقرابة أو الصحبة أو الموافقة في الدين، ويعقوب على ما روي عن السدي هو يعقوب بن إسحٰق بن إبراهيم فإن زكريا من ولد هٰرون وهو من ولد لاوي بن يعقوب وكان متزوجاً بأخت مريم بنت عمران وهي من ولد سليمان بن داود عليهما السلام وهو من ولد يهوذ بن يعقوب أيضاً. وقال الكلبـي ومقاتل: هو يعقوب بن ماثان وأخوه عمران بن ماثان أبو مريم. وقيل: هو أخو زكريا عليه السلام والمراد من الوراثة في الموضعين العلم على ما قيل.

وقال الكلبـي: كان بنو ماثان رؤس بني إسرائيل وملوكهم وكان زكريا عليه السلام رئيس الأحبار يومئذ فأراد أن يرثه ولده الحبورة ويرث من بني ماثان ملكهم فتكون الوراثة مختلفة في المضعين وأيد ذلك بعدم اختيار العطف على الضمير المنصوب والاكتفاء بيرث الأول، وقيل الوراثة الأولى وراثة النبوة والثانية وراثة الملك فتكون / مختلفة أيضاً إلى أن قوله: { وَٱجْعَلْهُ رَبّ رَضِيّاً } أي مرضياً عندك قولاً وفعلاً، وقيل راضياً والأول أنسب يكون على هذا تأكيداً لأن النبـي شأنه أن يكون كذلك، وعلى ما قلنا يكون دعاء بتوفيقه للعمل كما أن الأول متضمن للدعاء بتوفيقه للعلم فكأنه طلب أن يكون ولده عالماً عاملاً، وقيل: المراد اجعله مرضياً بين عبادك أي متبعاً فلا يكون هناك تأكيد مطلقاً، وتوسيط { رَبّ } بين مفعولي الجعل على سائر الأوجه للمبالغة في الاعتناء بشأن ما يستدعيه.

واختار السكاكي أن الجملتين مستأنفتان استئنافاً بيانياً لأنه يرد أنه يلزم على الوصفية أن لا يكون قد وهب لزكريا عليه السلام من وصف لهلاك يحيـى عليه السلام قبل هلاكه لقتل يحيـى عليه السلام قبل قتله. وتعقب ذلك في «الكشف» بأنه مدفوع بأن الروايات متعارضة والأكثر على هلاك زكريا قبله عليهما السلام، ثم قال: وأما الجواب بأنه لا غضاضة في أن يستجاب للنبـي بعض ما سأل دون بعض ألا ترى إلى دعوة نبينا صلى الله عليه وسلم في حق أمته حيث قال عليه الصلاة والسلام: " وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها " وإلى دعوة إبراهيم عليه السلام في حق أبيه فإنما يتم لو كان المحذور ذلك وإنما المحذور لزوم الخلف في خبره تعالى فقد قال سبحانه وتعالى في الأنبياء:فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ } [الأنبياء: 76، 84، 88، 90] وهو يدل على أنه عليه السلام أعطي ما سأل من غير تفرقة بين بعض وبعض وكذلك سياق الآيات الأخر.

السابقالتالي
2 3 4