الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَآ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ ٱلرَّحْمَـٰنِ خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً }

{ أُوْلَـٰئِكَ } إشارة إلى المذكورين في السورة الكريمة، وما فيه من معنى البعد للإشعار بعلو مرتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل وهو مبتدأ وقوله تعالى: { ٱلَّذِينَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِم } أي بفنون النعم الدينية الدنيوية حسبما أشير إليه مجملاً خبره على ما استظهره في «البحر»، والحصر عند القائل به إضافي بالنسبة إلى غير الأنبياء الباقين عليهم الصلاة والسلام لأنهم معروفون بكونهم منعماً عليهم فينزل الإنعام على غيرهم منزلة العدم، وقيل: يقدر مضاف أي بعض الذين أنعم الله عليهم وقوله تعالى: { مّنَ ٱلنَّبِيّيْنَ } بيان للموصول، وقيل: من تبعيضية بناءً على أن المراد أولئك المذكورون الذين أنعم الله تعالى عليهم بالنعم المعهودة المذكورة هنا فيكون الموضوع والمحمول مخصوصاً بمن سمعت وهم بعض النبيين وعموم المفهوم المراد من المحمول في نفسه ومن حيث هو في الذهن لا ينافي أن يقصد به أمر خاص في الخارج كما لا يخفى؛ واختير حمل التعريف في الخبر عن الجنس للمبالغة كما في قوله تعالى:ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ } [البقرة: 2]، والمحذور مندفع بما ذكرنا و { مِنْ } في قوله سبحانه: { مِن ذُرّيَّةِ ءادَمَ } قيل بيانية والجار والمجرور بدل من الجار والمجرور السابق والمجرور بدل من المجرور بإعادة الجار وهو بدل بعض من كل بناء على أن المراد ذريته الأنبياء وهي غير شاملة لآدم عليه السلام ولا يخفى بعده، وقيل: هي تبعيضية لأن المنعم عليه أخص من الذرية من وجه لشمولها بناءً على الظاهر المتبادر منها غير من أنعم عليه دونه ولا يضر في ذلك كونها أعم منها من وجه لشموله آدم والملك ومؤمني الجن دونها { وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ } أي ومن ذرية من حملناهم معه عليه السلام خصوصاً وهم من عدا إدريس عليه السلام لما سمعت من أنه قبل نوح وإبراهيم عليه السلام كان بالإجماع من ذرية سام بن نوح عليهما السلام { وَمِن ذُرّيَّةِ إِبْرٰهِيمَ } وهم الباقون. / { وَإِسْرٰءيلَ } عطف على { إِبْرَاهِيمَ } أي ومن ذرية إسرائيل أي يعقوب عليه السلام وكان منهم موسى وهارون وزكريا ويحيـى وعيسى عليهم السلام، وفي الآية دليل على أن أولاد البنات من الذرية لدخول عيسى عليه السلام ولا أب له، وجعل إطلاق الذرية عليه بطريق التغليب خلاف الظاهر { وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَٱجْتَبَيْنَا } عطف على قوله تعالى: { مِن ذُرّيَّةِ ءادَمَ } ومن للتبعيض أي ومن جملة من هديناهم إلى الحق واخترناهم للنبوة والكرامة. وجوز أن يكون عطفاً على قوله سبحانه: { مّنَ ٱلنَّبِيّيْنَ }. ومن للبيان وأورد عليه أن ظاهر العطف المغايرة فيحتاج إلى أن يقال: المراد ممن جمعنا له بين النبوة والهداية والاجتباء للكرامة وهو خلاف الظاهر.

السابقالتالي
2 3