الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنِّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِيَ مِن وَرَآءِى وَكَانَتِ ٱمْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ وَلِيّاً }

{ وَإِنّي خِفْتُ ٱلْمَوَالِىَ } هم عصبة الرجل على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومجاهد، وعن الأصم أنهم بنو العم وهم الذين يلونه في النسب. وقيل: من يلي أمره من ذوي قرابته مطلقاً، وكانوا على سائر الأقوال شرار بني إسرائيل فخاف عليه السلام أن لا يحسنوا خلافته في أمته، والجملة عطف على قوله:إِنّى وَهَنَ ٱلْعَظْمُ مِنّى } [مريم: 4] مترتب مضمونها على مضمونه فإن ضعف القوى وكبر السن من مبادي خوفه عليه السلام من يلي أمره بعد موته حسبما يدل عليه قوله { مِنْ وَرَاءِي } فإن المراد منه بإجماع من علمنا من المفسرين من بعد موتي، والجار والمجرور متعلق بمحذوف ينساق إليه الذهن أي خفت فعل الموالي من ورائي أو جور الموالي؛ وقد قرىء كما في «إرشاد العقل السليم» كذلك، وجوز تعلقه بالموالي ويكفي في ذلك وجود معنى الفعل فيه في الجملة، فقد قالوا: يكفي في تعلق الظرف رائحة الفعل ولا يشترط فيه أن يكون دالاً على الحدوث كاسم الفاعل والمفعول حتى يتكلف له ويقال: إن اللام في الموالي على هذا موصول والظرف متعلق بصلته وإن مولى مخفف مولى كما قيل في معنى أنه مخفف معنى فإنه تعسف لا حاجة إليه، نعم قالوا في حاصل المعنى على هذا: خفت الذين يلون الأمر من ورائي، ولم يجوز الزمخشري تعلقه بخفت لفساد المعنى، وبين ذلك في «الكشف» بأن الجار ليس صلة الفعل لتعديه إلى المحذور بلا واسطة فتعين أن يكون للظرفية على نحو خفت الأسد قبلك أو من قبلك وحينئذ يلزم أن يكون الخوف ثابتاً بعد موته وفساده ظاهر. وبعضهم رأى جواز التعلق بناء على أن كون المفعول في ظرف مصحح لتعلق ذلك الظرف بفعله كقولك: رميت الصيد في الحرم إذا كان الصيد فيه دون رميك والظاهر عدم الجواز فافهم، وقال ابن جني: هو حال مقدرة من { ٱلْمَوَالِىَ } وعن ابن كثير أنه قرأ { ومن وراي } بالقصر وفتح الياء كعصاي.

وقرأ الزهري { ٱلْموالي } بسكون الياء. وقرأ عثمان بن عفان وابن عباس وزيد بن ثابت وعلي بن الحسين وولداه محمد وزيد وسعيد بن العاص وابن جبير وأبو يعمر وشبيل بن عزرة والوليد بن مسلم لابن عامر { خفت } بفتح الخاء والفاء مشددة وكسر تاء التأنيث { ٱلْموالي } بسكون الياء على أن { خفت } من الخفة ضد الثقل ومعنى { مِن وَرَائِى } كما تقدم. والمراد وإني قل الموالي وعجزوا عن القيام بأمور الدين من بعدي أو من الخفوف بمعنى السير السريع ومعنى { مِن وَرَائِى } من قدامي وقبلي، والمراد وإني مات الموالي القادرون على إقامة مراسم الملة ومصالح الأمة وذهبوا قدامي ولم يبق منهم من به تقو واعتضاد فيكون محتاجاً إلى العقب لعجز مواليه عن القيام بعده بما هو قائم به أو لأنهم ماتوا قبله فبقي محتاجاً إلى من / يعتضد به، وتعلق الجار والمجرور على الوجه الثاني بالفعل ظاهر، وأما على الوجه الأول فإن لوحظ أن عجزهم وقلتهم سيقع بعده لا أنه واقع وقت دعائه صح تعلقه بالفعل أيضاً وإن لم يكن كذلك تعلق بغير ذلك.

السابقالتالي
2