الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيّاً }

{ فَلَمَّا ٱعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ } بالمهاجرة إلى ما تقدم { وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ } بدل من فارقهم من أبيه وقومه الكفرة لكن لا عقيب المهاجرة. والمشهور أن أول ما وهب له عليه السلام من الأولاد إسماعيل عليه السلام لقوله تعالى:فَبَشَّرْنَـٰهُ بِغُلَـٰمٍ حَلِيمٍ } [الصافات: 101] إثر دعائه بقوله:رَبّ هَبْ لِى مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينِ } [الصافات: 100] وكان من هاجر فغارت سارة فحملت بإسحٰق عليه السلام فلما كبر ولد له يعقوب عليه السلام. ولعل ترتيب هبتهما على اعتزاله هٰهنا لبيان كمال عظم النعم التي أعطاها الله تعالى إياه بمقابلة من اعتزلهم من الأهل والأقرباء فإنهما شجرتا الأنبياء ولهما أولاد وأحفاد أُوْلُو شأن خطير وذوو عدد كثير مع أنه سبحانه أراد أن يذكر إسماعيل عليه السلام بفضله على الانفراد. وروي أنه عليه السلام لما قصد الشام أتى أولاً حران وتزوج سارة وولدت له إسحٰق وولد لاسحٰق يعقوب. والأول هو الأقرب الأظهر.

{ وَكُلاًّ } أي كل واحد من إسحٰق ويعقوب أو منهما ومن إبراهيم عليه السلام وهو مفعول أول لقوله تعالى: { جَعَلْنَا نَبِيّاً } قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة إلى من عداهم بل بالنسبة إلى بعضهم أي كل واحد منهم جعلنا نبِياً لا بعضهم دون بعض، ولا يظهر في هذا الترتيب على الوجه الثاني في { كَلاَّ } كون إبراهيم عليه السلام نبياً قبل الاعتزال.