الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً }

{ يَا أخْتَ هَـٰرُونَ } استئناف لتجديد التعيير وتأكيد التوبيخ. وليس المراد بهٰرون أخا موسى بن عمران عليهما السلام لما أخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني وابن حبان وغيرهم عن المغيرة بن شعبة قال: " بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران فقالوا: أرأيت ما تقرأون { يَا أُخْتَ هَـٰرُونَ } وموسى قبل عيسى بكذا وكذا قال: فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم " بل هو على ما روي عن الكلبـي أخ لها من أبيها. وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال: هو رجل صالح في بني إسرائيل وروي عنه أنه قال ذكر لنا أنه تبع جنازته يوم مات أربعون ألفاً من بني إسرائيل كلهم يسمى هٰرون. والأخت على هذا بمعنى المشابهة وشبهوها به تهكماً أو لما رأوا قبل من صلاحها، وأخرج ابن أبـي حاتم عن سعيد بن جبير أنه رجل طالح فشبهوها به شتماً لها. وقيل: المراد به هٰرون أخو موسى عليهما السلام، وأخرج ذلك ابن أبـي حاتم أيضاً عن السدي وعلي بن أبـي طلحة وكانت من أعقاب من كان معه في طبقة الأخوة فوصفها بالأخوة لكونها وصف أصلها. وجوز أن يكون هٰرون مطلقاً على نسله كهاشم وتميم، والمراد بالأخت أنها واحدة منهم كما يقال أخا العرب وهو المروي عن السدي.

{ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمْرَأَ سَوْء وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } تقرير لكون ما جاءت به فرياً أو تنبيه على أن ارتكاب الفواحش من أولاد الصالحين أفحش. وفيه دليل على أن الفروع غالباً تكون زاكية إذا زكت الأصول وينكر عليها إذا جاءت بضد ذلك. وقرأ عمر بن لجأ التيمي الشاعر الذي كان يهاجي جريراً { ما كان أباك امرؤ سوء } بجعل الخبر المعرفة والاسم النكرة. وحسن ذلك قليلاً وجود مسوغ الابتداء فيها وهو الإضافة.