الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً }

{ وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ } وضع المظهر في مقام المضمر تصريحاً بإجرامهم وذماً لهم بذلك، والرؤية بصرية، وجاء عن أبـي سعيد الخدري كما أخرجه عنه أحمد وابن جرير والحاكم وصححه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " أن الكافر ليرى جهنم من مسير أربعين سنة " { فَظَنُّواْ } أي علموا كما أخرجه عبد الرزاق وجماعة عن قتادة، وهو الظاهر من حالهم بعد قول الله تعالى ذلك واستغاثتهم بشركائهم وعدم استجابتهم لهم وجعل الموبق بينهم. وقيل الظن على ظاهره وهم لم يتيقنوا { أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا } أي مخالطوها واقعون فيها لعدم يأسهم من رحمة الله تعالى قبل دخولهم فيها، وقيل إنهم لما رأوها من بعيد كما سمعت في الحديث ظنوا أنها تخطفهم في الحال فإن اسم الفاعل موضوع للحال فالمتيقن أصل الدخول والمظنون الدخول حالاً. وفي مصحف عبد الله { ملاقوها } وكذلك قرأ الأعمش وابن غزوان عن طلحة، واختير جعلها تفسيراً لمخالفتها سواد المصحف، وعن علقمة أنه قرأ { ملافوها } بالفاء مشددة من لف الشيء { وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا } أي مكاناً ينصرفون إليه. قال أبو كبير الهذلي:
أزهير هل عن شيبة بن مصرف   أم لا خلود لباذل متكلف
فهو اسم مكان، وجوز أن يكون اسم زمان، وكذا جوز أبو البقاء وتبعه غيره أن يكون مصدراً أي انصرافاً، وفي «الدر المصون» أنه سهو فإنه جعل مفعل بكسر العين مصدراً من صحيح مضارعه يفعل بالكسر وقد نصوا على أن مصدره مفتوح العين لا غير واسم زمانه ومكانه مكسورها، نعم إن القول بأنه مصدر مقبول في قراءة زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما { مصرفاً } بفتح الراء.