الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً }

{ لَّٰكِنَّاْ هُوَ ٱللَّهُ رَبِّي } أصله لكن أنا وقد قرأ به أبـي والحسن، وحكى ابن عطية ذلك عن ابن مسعود فنقل حركة همزة أنا إلى نون لكن فحذفت الهمزة ثم حذفت الحركة ثم أدغمت النون في النون، وقيل حذفت الهمزة مع حركتها ثم أدغم أحد المثلين في الآخر وهو أقرب مسافة إلا أن الحذف المذكور على خلاف القياس، وقد جاء الحذف والإدغام في قوله:
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب   وتقلينني لكن إياك لا أقلي
فإنه أراد لكن أنا لا أقليك، وهو أولى من جعلهم التقدير لكنه إياك على حذف ضمير الشأن، وأبعد منه جعل الأصل لكنني إياك على حذف اسم لكن كما في قوله:
فلو كنت ضبياً عرفت قرابتي   ولكن زنجي عظيم المشافر
أي لكنك مع نون الوقاية، وبإثبات الألف آخراً في الوقف وحذفها في الوصل كما هو الأصل في أنا وقفاً ووصلاً قرأ الكوفيون وأبو عمرو وابن كثير ونافع في رواية ورش وقالون، وأبدلها هاء في الوقف أبو عمرو في رواية فقال: { لكنه } ذكره ابن خالويه، وقال ابن عطية: روى هارون عن أبـي عمرو (لكنه هو ٱللَّه ربي) بضمير لحق لكن. وقرأ ابن عامر وزيد بن علي والحسن والزهري بإثبات الألف وقفاً ووصلاً وهو رواية عن نافع ويعقوب وأبـي عمرو وورش وأبـي جعفر وأبـي بحرية، وجاء ذلك على لغة بني تميم فإنهم يثبتون ألف أنا في الأصل اختياراً وأما غيرهم فيثبتها فيه اضطراراً، وقال بعضهم: إن إثباتها في الوصل غير فصيح لكنه حسن هنا لمشابهة أنا بعد حذف همزته لضميرنا المتصل ولأن الألف جعل عوضاً عن الهمزة المحذوفة فيه. وقيل أثبتت إجراء للوصل مجرى الوقف وفي إثباتها دفع اللبس بلكن المشددة، ومن إثباتها وصلاً قول الشاعر:
/ أنا شيخ العشيرة فاعرفوني   حميداً قد تذريت السناما
وفي رواية الهاشمي عن أبـي جعفر حذفها وصلاً ووقفاً، وروي ذلك أيضاً عن أبـي عبلة وأبـي حيوة وأبـي بحرية، وقرأ { لكننا } بحذف الهمزة وتخفيف النونين، و { لٰكن } في جميع هذه القراءات حرف استدراك لا عمل له وأنا مبتدأ أول و { هُوَ } ضمير الشأن مبتدأ ثان و { ٱللَّهُ رَبّى } مبتدأ وخبر، والجملة خبر ضمير الشأن وهي غنية عن الرابط وجملة ضمير الشأن وخبره خبر المبتدأ الأول والرابط ضمير المتكلم المضاف إليه، والتركيب نظير قولك: هند هو زيد ضاربها، وجوز أن يكون { هُوَ } مبتدأ ثانياً والاسم الجليل بدلاً منه و { رَبّى } خبره والجملة خبر المبتدأ الأول والرابط الياء أيضاً. وفي «البحر» أن { هُوَ } ضمير الشأن وثم قول محذوف أي لكن أنا أقول هو الله ربـي، ويجوز أن يعود علىٱلَّذِى خَلَقَكَ } [الكهف: 37] أي لكن أنا أقول الذي خلقك الله ربـي فخبره الاسم الجليل و { رَبّى } نعت أو عطف بيان أو بدل انتهى، ثم جوز عدم تقدير القول واقتصر على جعل { هُوَ } ضمير الشأن حينئذٍ حسبما سمعت، ولا يخفى أن احتمال تقدير القول بعيد في هذه القراءة ولعل احتمال كون الاسم الجليل بدلاً أقرب معنى من كونه خبراً وعود الضمير على

السابقالتالي
2 3