الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }

{ قُلْ } لهم ثانياً من جهتك بعدما قلت لهم من قبلنا ما قلت وبينت لهم ما تقتضيه الحكمة في البعثة ولم يرفعوا إليه رأساً { كَفَىٰ بِٱللَّهِ } عز وجل وحده { شَهِيداً } على أني قد أديت ما عليَّ من مواجب الرسالة أكمل أداء وأنكم فعلتم ما فعلتم من التكذيب والعناد. وقيل شهيداً على أني رسول الله تعالى إليكم بإظهار المعجزة على وفق دعواي، ورجح الأول بأنه أوفق بقوله تعالى: { بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ } وكذا بقوله سبحانه تعليلاً للكفاية { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ } أي الرسل والمرسل إليهم { خَبِيراً بَصِيراً } أي محيطاً بظواهرهم وبواطنهم فيجازيهم على ذلك. وزعم الخفاجي أن الثاني: أوفق بالسباق منه إذ يكون الكلام عليه كالسابق رداً لإنكارهم أن يكون الرسول بشراً وإلى ذلك ذهب الإمام وأن كون الأول أوفق بقوله تعالى: { إِنَّهُ كَانَ } الخ لا وجه له لأن معناه التهديد والوعيد بأنه سبحانه يعلم ظواهرهم وبواطنهم وأنهم إنما ذكروا هذه الشبهة للحسد وحب الرياسة والاستنكاف عن الحق وفيه من التسلية لحبيبه صلى الله عليه وسلم ما فيه. وأنت تعلم أن إنكار كون الأول أوفق بذلك مما لا وجه له لظهور خلافه، ولا ينافيه تضمن الجملة الوعيد والتسلية، وأيضاً يبقى أمر أوفقيته بيني وبينكم في البين ومع ذلك في تصدير الكلام بقل نوع تأييد لإرادة الأول كما لا يخفى على الذكي. هذا وإنما لم يقل سبحانه بيننا تحقيقاً للمفارقة وإبانة للمباينة. ونصب { شَهِيداً } إما على الحال أو على التمييز.