الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ أَقِمِ ٱلصَّلاَةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيلِ وَقُرْآنَ ٱلْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ ٱلْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }

{ أَقِمِ ٱلصَّلَٰوةَ } أي المفروضة { لِدُلُوكِ ٱلشَّمْسِ } أي لزوالها عن دائرة نصف النهار وهو المروي عن عمر بن الخطاب وابنه وابن عباس في رواية وأنس وأبـي برزة الأسلمي والحسن والشعبـي وعطاء ومجاهد، ورواه الإمامية عن أبـي جعفر وأبـي عبد الله رضي الله تعالى عنهما وخلق آخرين، وأخرج ابن جرير وإسحاق بن راهويه في «مسنده» وابن مردويه في «تفسيره» والبيهقي في «المعرفة» عن أبـي مسعود عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بـي الظهر " وقيل لغروبها وهو المروي عندنا عن علي / كرم الله تعالى وجهه، وأخرجه ابن مردويه والطبراني والحاكم وصححه وغيرهم عن ابن مسعود وابن المنذر وغيره عن ابن مسعود، وروي عن زيد بن أسلم والنخعي والضحاك والسدي، وإليه ذهب الفراء وابن قتيبة، وأنشد لذي الرمة:
مصابيح ليست باللواتي يقودها   نجوم ولا بالآفلات الدوالك
وأصل مادة د ل ك تدل على الانتقال ففي الزوال انتقال من دائرة نصف النهار إلى ما يليها وفي الغروب انتقال من دائرة الأفق إلى ما تحتها وكذا في الدلك المعروف انتقال اليد من محل إلى آخر بل كل ما أوله دال ولام مع قطع النظر عن آخره يدل على ذلك كدلج بالجيم من الدلجة وهي سير الليل وكذا دلج بالدلو إذا مشى بها من رأس البئر للمصب ودلح بالحاء المهملة إذا مشى مشياً متثاقلاً ودلع بالعين المهملة إذا أخرج لسانه ودلف بالفاء إذا مشى مشية المقيد وبالقاف إذا أخرج المائع من مقره ووله إذا ذهب عقله وفيه انتقال معنوي إلى غير ذلك، وهذا المعنى يشمل كلا المعنيين السابقين وإن قيل إن الانتقال في الغروب أتم لأنه انتقال من مكان إلى مكان ومن ظهور إلى خفاء وليس في الزوال إلا الأول. وقيل إن الدلوك مصدر مزيد مأخوذ من المصدر المجرد أعني الدلك المعروف وهو أظهر في الزوال لأن من نظر إلى الشمس حينئذٍ يدلك عينه ويكون على هذا في دلوك الشمس تجوز عن دلوك ناظرها، وقد يستأنس في ترجيح القول الأول مع ما سبق بأن أول صلاة صلاها النبـي صلى الله عليه وسلم نهار ليلة الإسراء الظهر، وقد صح أن جبريل عليه السلام ابتدأ بها حين علم النبـي عليه الصلاة والسلام كيفية الصلاة في يومين. وقال المبرد: دلوك الشمس من لدن زوالها إلى غروبها فالأمر بإقامة الصلاة لدلوكها أمر بصلاتين الظهر والعصر، وعلى القولين الآخرين أمر بصلاة واحدة الظهر أو العصر. واللام للتأقيت متعلقة بأقم وهي بمعنى بعد كما في قول متمم بن نويرة يرثي أخاه:

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8