الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ يَقْرَؤونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }

{ يَوْمَ نَدْعُواْ كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَـٰمِهِمْ } شروع في بيان تفاوت أحوال بني آدم في الآخرة بعد بيان حالهم في الدنيا. و { يَوْمَ } مفعول به لفعل محذوف أي اذكر يوم ندعو الخ. وجوز ابن عطية وغيره أن يكون ظرفا لفعل يدل عليه { لاَ يُظْلَمُونَ } ولم يجعل ظرفاً له بناء على أن الفاء لا يعمل ما بعدها فيما قبلها ولو ظرفاً، وجوز أيضاً أن يكون مبتدأ وهو مبني لإضافته إلى غير متمكن والخبر جملة { فَمَنْ أُوتِىَ } الخ ويقدر للربط فيها فيه، وفيه أن المنقسم إلى متمكن وغير متمكن هو الاسم لا الفعل وما في حيزه هنا فعل مضارع على أن بناء أسماء الظروف المضافة إلى جملة هو أحد ركنيها بناء على مذهب الكوفيين والبصريون لا يجوزون ذلك ومع هذا هو تخريج متكلف. وجوز أيضاً كونه ظرفاً لـِفَضَّلْنَـٰهُمْ } [الإسراء: 70] قال: وتفضيل البشر على سائر الحيوانات يوم القيامة بين وبه قال بعض النحاة إلا أنه قال: فضلناهم بالثواب، وفيه أنه أي تفضيل للبشر ذلك اليوم والكفار منهم أخس من كل شيء إلا أن يقال: يكفي في تفضيل الجنس تفضيل بعض أفراده ألا ترى صحة الرجال أفضل من النساء مع أن من النساء من هي أفضل من بعض الرجال بمراتب، وأيضاً إذا أريد التفضيل بالثواب لا يصح إخراج الملائكة لأن جنس البشر يثابون والملائكة عليهم السلام لا يثابون كما هو مقرر في محله، ثم إنهم يشاركهم في الثواب الجن لأن مؤمنيهم يثابون كما يثاب البشر عند بعض، وقيل إن ثوابهم دون ثوابهم لأنهم لا يرون الله تعالى في الجنة عند من قال: إن الله تعالى يرى فيها فالبشر مفضلون عليهم في الثواب من هذه الجهة، وقيل ظرف { يَقْرَءونَ } أو ما دل عليه، وفيه أنهم لايقرؤن كتابهم وقت الدعوة. وأجيب بأن المراد بيوم يدعون وقت طويل وهو اليوم الآخر الذي يكون فيه ما يكون ويبقى في جعله ظرفاً للمذكور حديث الفاء. وقال الفراء: هو ظرف لنعيدكم محذوفاً، وقيل: ظرف لـِتَسْتَجِيبُونَ } [الإسراء: 52]، وقيل هو بدل من { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ } وقيل العامل فيه ما دل عليه قوله سبحانهمَتَىٰ هُوَ } [الإسراء: 51] وهي أقوال في غاية الضعف، وأقرب الأقوال وأقواها ما ذكرناه أولاً.

والإمام المقتدى به والمتبع عاقلاً كان أو غيره. والجار والمجرور متعلق بندعو أي ندعو كل أناس من بني آدم الذين فعلنا بهم في الدنيا ما فعلنا من التكريم وما عطف عليه بمن ائتموا به من نبـي أو مقدم في الدين أو كتاب أو دين فيقال: يا أتباع فلان يا أهل دين كذا أو كتاب كذا. وأخرج ابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه قال:

السابقالتالي
2 3 4