الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }

بِسْمِ اللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ } سبحان هنا على ما ذهب إليه بعض المحققين مصدر سبح تسبيحاً بمعنى نزه تنزيهاً لا بمعنى قال سبحان الله؛ نعم جاء التسبيح بمعنى القول المذكور كثيراً حتى ظن بعضهم أنه مخصوص بذلك وإلى هذا ذهب صاحب «القاموس» في «شرح ديباجة الكشاف»، وجعل سبحان مصدر سبح مخففاً وليس بذاك، وقد يستعمل علماً للتنزيه فيقطع عن الإضافة لأن الأعلام لا تضاف قياساً ويمنع من الصرف للعلمية والزيادة واستدل على ذلك بقول الأعشى:
قد قلت لما جاءني فخره   سبحان من علقمة الفاخر
وقال الرضيّ: لا دليل على علميته لأنه أكثر ما يستعمل مضافاً فلا يكون علماً وإذا قطع فقد جاء منوناً في الشعر كقوله:
سبحانه ثم سبحاناً نعوذ به   وقبلنا سبح الجودى والجمد
وقد جاء باللام كقوله:
سبحانك اللهم ذو السبحان   
ولا مانع من أن يقال في البيت الذي استدلوا به: حذف المضاف إليه وهو مراد للعلم به وأبقى المضاف على حاله مراعاة لأغلب أحواله أي التجرد عن التنوين كقوله:
خالط من سلمى خياشيم وفا   
انتهى. وظاهر كلام الزمخشري أنه علم للتسبيح دائماً وهو علم جنس لأن علم الجنس كما يوضع للذوات يوضع للمعاني فلا تفصيل عنده، وانتصر له صاحب «الكشف» فقال: إن ما ذهب إليه العلامة هو الوجه لأنه إذا ثبتت العلمية بدليلها فالإضافة لا تنافيها وليست من باب ـ زيد المعارك ـ لتكون شاذة بل من باب ـ حاتم طيِّئ وعنترة عبس ـ وذكر أنه يدل على التنزيه البليغ وذلك من حيث الاشتقاق من السبح وهو الذهاب والإبعاد من الأرض ثم ما يعطيه نقله إلى التفعيل ثم العدول عن المصدر إلى الاسم الموضوع له خاصة لا سيما وهو علم يشير إلى الحقيقة الحاضرة في الذهن وما فيه من قيامه مقام المصدر مع الفعل فإن انتصابه بفعل متروك الإظهار ولهذا لم يجز استعماله إلا فيه تعالى أسماؤه وعظم كبرياؤه، وكأنه قيل: ما أبعد الذي له هذه القدرة عن جميع النقائص فلا يكون اصطفاؤه لعبده الخصيص به إلا حكمة وصواباً انتهى.

وأورد على ما ذكره أولاً أن منع إضافة العلم قياساً لم يفرق بين إضافة وإضافة فإن ادعى أن بعض الأعلام اشتهرت بمعنى كحاتم بالكرم فيجوز في نحوه الإضافة لقصد التخصيص ودفع العموم الطارىء فما نحن فيه ليس من هذا القبيل كما لا يخفى. وما ذكر من دلالته على التنزيه من جميع النقائص هو الذي يشهد له المأثور، ففي «العقد الفريد» " عن طلحة قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير سبحان الله فقال: تنزيه لله تعالى عن كل سوء "

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد