الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ }

{ وَإِذَا رَأى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ ٱلْعَذَابَ } أي الذين يستوجبونه بظلمهم وهو عذاب جهنم، والمراد من الذين ظلموا الذين كفروا وكان الظاهر الضمير إلا أنه أقيم المظهر مقامه للنعي عليهم بما ذكر في حيز الصلة وتعليق الرؤية بالعذاب للمبالغة، وقيل: المراد به جهنم نفسها مجازاً، ويراد بضميره في قوله تعالى: { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ } معناه الحقيقي على سبيل الاستخدام وليس بذاك وهذه الجملة قيل: مستأنفة، وقيل: جواب (إذا) بتقدير فهو لا يخفف لأن المضارع مثبتاً كان أو منفياً إذا وقع جواب إذا لا يقترن بالفاء، واستظهره ذلك أبو حيان ونقل عن الحوفي القول بأنه جواب وأنه العامل في { إِذَا } ثم قال: وقد تقدم لنا أن ما تقدم فاء الجواب في غير أما لا يعمل فيما قبله وبينا أن العامل في { إِذَا } الفعل الذي يليها كسائر أدوات الشرط وإن كان ليس قول الجمهور وتعقب الخفاجي القول بالجوابية بأنه محتاج إلى ما سمعت من التقدير وهو مع كونه خلاف الأصل مناف للغرض في تغاير الجملتين في النظم يعني قوله تعالى: { فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ }.

وقوله سبحانه: { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي يمهلون وهو أن عدم التخفيف واقع بعد رؤية العذاب فلذا لم يؤت بجملة اسمية بخلاف عدم الإمهال فإنه ثابت لهم في تلك الحالة اهـ. وفي كلام الزمخشري كما في «الكشف» إشعار بأن الناصب المحذوف لإذا بغتهم وأنه هو الجواب حيث قال بعد أن بين وجه انتصاب اليوم وكذلك إذا رأوا العذاب بغتهم وثقل عليهم فلا يخفف عنهم ولا هم ينظرون كقوله تعالى:بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ } [الأنبياء: 40] الآية، وفيه إشعار أيضاً بأن عدم التخفيف والإنظار يدل على أثقاله/ ومباغتته كما صرح به في الآية الأخرى حيث أبت الإتيان بغتة والبهت هو الأثقال وزيادة ورتب عليهفَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } [الأنبياء: 40] ومثل هذه الفاء فصيحة عندهم فافهم، وفي «التفسير الكبير» قال المتكلمون إن العذاب يجب أن يكون خالصاً عن شوائب النفع وهو المراد بقوله تعالى: { لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ } ويجب أن يكون دائمياً وهو المراد من قوله سبحانه: { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } وفيه نظر.