الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ } أي يصدقون بأنها من عنده تعالى بل يقولون فيها ما يقولون يسمونها تارة افتراء وأخرى أساطير معلمة من البشر، وقيل: المراد بالآيات المعجزات الدالة على صدق النبـي صلى الله عليه وسلم ويدخل فيها الآيات القرآنية دخولاً أولياً والأول على ما قيل أوفق بالمقام. { لاَ يَهْدِيهِمُ ٱللَّهُ } قيل: أي إلى الجنة بل يسوقهم إلى النار كما يشير إليه قوله تعالى: { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }. وقال بعض المحققين: المعنى لا يهديهم إلى ما ينجيهم من الحق لما يعلم من سوء استعدادهم، وقال في «البحر»: أي لا يخلق الإيمان في قلوبهم، وهذا عام مخصوص فقد اهتدى قوم كفروا بآيات الله تعالى، وقال الجلبـي: المعنى أن سبب عدم إيمانهم هو أنه تعالى لا يهديهم لختمه على قلوبهم أو لا يهديهم سبحانه مجازاة لعدم إيمانهم بأن تلك الآيات من عنده تعالى، وقال العسكري: يجوز أن يكون المعنى أنهم إن لم يؤمنوا بهذه الآيات لم يهتدوا، والمراد ـ بلا يهديهم الله ـ لا يهتدون فإنه إنما يقال هدى الله تعالى فلاناً على الإطلاق إذا اهتدى هو، وأما من لم يقبل الهدى فإنه يقال فيه: إن الله تعالى هداه فلم يهتد كما قال تعالى:وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَـٰهُمْ فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } [فصلت: 17] وقيل: المعنى إن الذين لا يصرفون اختيارهم إلى الإيمان بآياته تعالى لا يخلقه سبحانه في قلوبهم، وقال ابن عطية: المفهوم من الوجود أن/ الذين لا يهديهم الله تعالى لا يؤمنون بآياته ولكنه قدم وأخر تتميماً لتقبيح حالهم وللتشنيع بخطئهم كما في قوله تعالى:فَلَمَّا زَاغُواْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [الصف: 5] ويؤدي مؤدى التقديم والتأخير ما ذكره الجلبـي، أولاً والأكثر لا يخلو عن دغدغة. وقال القاضي: أقوى ما قيل في الآية ما ذكر أولاً، وكونه تفسيراً للمعتزلة مناسباً لأصولهم فيه نظر، وأياً مّا كان فالمراد من الآية التهديد والوعيد لأولئك الكفرة على ما هم عليه من الكفر بآيات الله تعالى ونسبة رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الافتراء والتعلم من البشر بعد إماطة شبهتهم ورد طعنهم.