الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } لا تطمح بنظرك طموح راغب ولا تدم نظرك { إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ } من زخارف الدنيا وزينتها { أَزْوٰجاً مّنْهُمْ } / أصنافاً من الكفرة اليهود والنصارى والمشركين، وقيل: رجالاً مع نسائهم، والنهي قيل له صلى الله عليه وسلم وهو لا يقتضي الملابسة ولا المقاربة، وقيل: هو لأمته وإن كان الخطاب له عليه الصلاة والسلام، وأيد بما أخرجه ابن جرير وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في الآية: نهي الرجل أن يتمنى مال صاحبه، نعم كان صلى الله عليه وسلم بعد نزول الآية شديد الاحتياط فيما تضمنته، فقد أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن يحيى بن أبـي كثير أنه عليه الصلاة والسلام مر بإبل لحي يقال لهم بنو الملوح أو بنو المصطلق قد عنست في أبوالها وأبعارها من السمن فتقنع بثوبه ومر ولم ينظر إليها لقوله تعالى: { لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } الآية، ويعد نحو هذا الفعل من باب سد الذرائع. ومنهم من أيد الأول بهذا وبدلالة ظاهر السياق عليه، وحاصلها مع ما قبل أوتيت النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة فعليك أن تستغني بذلك ولا ترغب في متاع الدنيا، وجعل من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " بناء على أن «يتغن» من الغنى المقصور كيستغني وليس مقصوراً على الممدود، ويشهد لذلك ما في الحديث الصحيح في الخيل " وأما التي هي له ستر فرجل ربطها تغنياً وتعففاً " وعن أبـي بكر رضي الله تعالى عنه من أوتي القرآن فرأى أن أحد أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغر عظيماً وعظم صغيراً. وقد أخرج ابن المنذر عن سفيان بن عيينة ما هو بمعناه، وقال العراقي: إن الخبر مروي لكن لم أقف على روايته عن أبـي بكر رضي الله تعالى عنه في شيء من كتب الحديث. وحكى بعضهم في سبب نزول الآية أنه وافت من بصرى وأذرعات سبع قوافل لقريظة والنضير في يوم واحد فيها أنواع من البر والطيب والجواهر فقال المسلمون: لو كانت لنا لتقوينا بها ولأنفقناها في سبيل الله تعالى فنزلت، فكأنه سبحانه يقول: قد أعطيتكم سبعاً هي خير من سبع قوافل، وروي هذا عن الحسن بن الفضل. وتعقب بأنه ضعيف أو لا يصح لأن السورة مكية وقريظة والنضير كانوا بالمدينة فكيف يصح أن يقال ذلك وهو كما ترى. نعم روي أنه صلى الله عليه وسلم وافى بأذرعات سبع قوافل ليهود بني قريظة والنضير فيها الخ وهو غير معروف، وقد قالوا: إنه لم يعهد سفره صلى الله عليه وسلم للشام.

السابقالتالي
2