الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ }

{ ٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ } استئناف جواباً عن سؤال من يقول: لماذا لم يجابوا إلى المقترح فتنقطع حجتهم ولعلهم يهتدون؟ بأن ذلك أمر مدبر ببالغ العلم ونافذ القدرة لا عن الجزاف واتباع آرائهم السخاف، وجوز أن يراد بالهادي هو الله تعالى وروي ذلك عن ابن عباس والضحاك وابن جبير، فالتنوين فيه للتفخيم والتعظيم، وتوجيه الآية على ذلك أنهم لما أنكروا الآيات عناداً لكفرهم الناشىء عن التقليد ولم يتدبروا الآيات قيل: إنما أنت منذر لا هاد مثبت للإيمان في صدورهم صاد لهم عن جحودهم فإن ذلك إلى الله تعالى وحده وهو سبحانه القادر عليه، وعلى هذا قيل: يجوز أن يكون قوله سبحانه: { ٱللَّه } خبر مبتدأ محذوف أي هو الله ويكون ذلك تفسيراً ـ لهاد ـ و { يَعْلَم } جملة مقررة/ لاستقلاله تعالى بالهداية كالعلة لذلك، ويجوز أن يكون جملة { ٱللَّهُ يَعْلَمُ } مقررة ويكون من باب إقامة الظاهر مقام المضمر كأنه هو تعالى يعلم أي ذلك الهادي، والأول بعيد جداً. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن جرير عن عكرمة وأبـي الضحى أن المنذر والهادي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجه ذلك بأن { هَادٍ } عطف علىمُنذِرٌ } [الرعد: 7] و { لِكُلّ قَوْمٍ } متعلق به قدم عليه للفاصلة. وفي ذلك دليل على عموم رسالته صلى الله عليه وسلم وشمول دعوته، وفيه الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجار والمجرور والنحويون في جوازه مختلفون، وقد يجعل { هَادٍ } خبر مبتدأ مقدر أي وهو هاد أو وأنت هاد، وعلى الأول فيه التفات، وقال أبو العالية: الهادي العمل، وقال علي بن عيسى: هو السابق إلى الهدى ولكل قوم سابق سبقهم إلى الهدى. قال أبو حيان: وهذا يرجع إلى أن الهادي هو النبـي لأنه الذي يسبق إلى ذلك وعن أبـي صالح أنه القائد إلى الخير أو إلى الشر والكل كما ترى. وقالت الشيعة: إنه علي كرم الله تعالى وجهه ورووا في ذلك أخباراً، وذكر ذلك القشيري منا. وأخرج ابن جرير وابن مردويه والديلمي وابن عساكر عن ابن عباس قال: لما نزلتإِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ } [الرعد:7] الآية " وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره فقال: أنا المنذر وأومأ بيده إلى منكب علي كرم الله تعالى وجهه فقال: أنت الهادي يا علي بك يهتدي المهتدون من بعدي " وأخرج عبد الله بن أحمد في «زوائد المسند» وابن أبـي حاتم والطبراني في " الأوسط " والحاكم وصححه وابن عساكر أيضاً عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال في الآية: رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر وأنا الهادي، وفي لفظ والهادي رجل من بني هاشم ـ يعني نفسه ـ.

السابقالتالي
2 3