الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَفِي ٱلأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِّنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَىٰ بِمَآءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَىٰ بَعْضٍ فِي ٱلأُكُلِ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }



{ وَفِى ٱلأَرْضِ قِطَعٌ } جملة مستأنفة مشتملة على طائفة أخرى من الآيات أي في الأرض بقاع كثيرة مختلفة في الأوصاف فمن طيبة منبتة ومن سبخة لا تنبت ومن رخوة ومن صلبة ومن صالحة للزرع لا للشجر ومن صالحة للشجر لا للزرع إلى غير ذلك { مُّتَجَـٰوِرٰتٌ } أي متلاصقة والمقصود الإخبار بتفاوت أجزاء الأرض المتلاصقة على الوجه الذي علمت وهذا هو المأثور عن الأكثرين، وأخرج أبو الشيخ عن قتادة أن المعنى وفي الأرض قرى قريب بعضها من بعض، وأخرج عن/ الحسن أنه فسر ذلك بالأهواز وفارس والكوفة والبصرة، ومن هنا قيل في الآية اكتفاء على حدسَرَابِيلَ تَقِيكُمُ ٱلْحَرَّ } [النحل: 81] والمراد قطع متجاورات وغير متجاورات، وفي بعض المصاحف { وقِطَعاً مُّتَجَـٰوِرٰت } بالنصب أي وجعل في الأرض قطعاً { وَجَنَّـٰتٌ } أي بساتين كثيرة { مّنْ أَعْنَـٰبٍ } أي من أشجار الكرم { وَزَرْعٌ } من كل نوع من أنواع الحبوب، وإفراده لمراعاة أصله حيث كان مصدراً، ولعل تقديم ذكر الجنات عليه مع كونه عمود المعاش لما أن في صنعة الأعناب مما يبهر العقول ما لا يخفى، ولو لم يكن فيها إلا أنها مياه متجمدة في ظروف رقيقة حتى أن منها شفافاً لا يحجب البصر عن إدراك ما في جوفه لكفى؛ ومن هنا جاء في بعض الأخبار القدسية أتكفرون بـي وأنا خالق العنب. وفي " إرشاد العقل السليم " تعليل ذلك بظهور حال الجنات في اختلافها ومباينتها لسائرها ورسوخ ذلك فيها.

وتأخير قوله تعالى: { وَنَخِيلٌ } لئلا يقع بينها وبين صفتها وهي قوله تعالى: { صِنْوٰنٌ وَغَيْرُ صِنْوٰنٌ } فاصلة أو يطول الفصل بين المتعاطفين، وصنوان جمع صنو وهو الفرع الذي يجمعه وآخر أصل واحد وأصله المثل، ومنه قيل للعم صنو، وكثر الصاد في الجمع كالمفرد هو اللغة المشهورة وبها قرأ الجمهور، ولغة تميم وقيس { صنوان } بالضم كذئب وذؤبان وبذلك قرأ زيد بن علي رضي الله تعالى عنهما والسلمي وابن مصرف، ونقله الجعبري في " شرح الشاطبية " عن حفص. وقرأ الحسن وقتادة بالفتح، وهو على ذلك اسم جمع كالسعدان لا جمع تكسير لأنه ليس من أبنيته، وقرأ الحسن { جنات } بالنصب عطفاً عند بعض على { زَوْجَيْنِ } [الرعد: 3] مفعول { جَعَلَ } و { وَمِن كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } [الرعد: 3] حينئذ حال مقدمة لا صلة { جَعَلَ } [الرعد: 3] لفساد المعنى عليه أي جعل فيها زوجين حال كونه من كل الثمرات وجنات من أعناب، ولا يجب هنا تقييد العطوف بقيد المعطوف عليه. وزعم بعضهم أن العطف علىرَوَاسِىَ } [الرعد: 3] وقال أبو حيان: الأولى إضمار فعل لبعد ما بين المتعاطفين أو بالجر عطفاً على { كُلّ ٱلثَّمَرٰتِ } على أن يكون هو مفعولاً بزيادة { مِنْ } في الإثبات و

السابقالتالي
2 3