الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }

{ وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيّاً } شروع في رد إنكارهم لفروع الشرائع الواردة ابتداء أو بدلاً من الشرائع المنسوخة ببيان الحكمة في ذلك وأن الضمير راجع ـ لما أنزل إليك ـ والإشارة إلى مصدر { أَنزَلْنَـٰهُ } أوأَنزَلَ إِلَيْكَ } [الرعد:36] أي مثل ذلك الإنزال البديع الجامع لأصول مجمع عليها وفروع متشعبة إلى موافقة ومخالفة حسبما يقتضيه قضية الحكمة أنزلناه حاكماً يحكم في القضايا والواقعات بالحق ويحكم به كذلك، والتعرض لهذا العنوان مع أن بعضه ليس بحكم لتربية وجوب مراعاته وتحتم المحافظة عليه، والتعرض لكونه عربياً أي مترجماً بلسان العرب للإشارة إلى أن ذلك إحدى مواد المخالفة للكتب السابقة مع أن ذلك مقتضى الحكمة إذ بذلك يسهل فهمه وإدراك إعجازه يعني بالنسبة للعرب، وأما بالنسبة إلى غيرهم فلعل الحكمة أن ذلك يكون داعياً لتعلم العلوم التي يتوقف عليها ما ذكر. ومنهم من اقتصر على اشتمال الإنزال على أصول الديانات المجمع عليها حسبما يفيده على رأي قوله تعالى:قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ } [الرعد: 36] إلى آخره، وتعقب بأنه يأباه التعرض لاتباع أهوائهم وحديث المحو والإثبات وإنه لكل أجل كتاب فإن المجمع عليه لا يتصور فيه الاستتباع والاتباع، وقيل: إن الإشارة إلى إنزال الكتب السالفة على الأنبياء عليهم السلام، والمعنى كما أنزلنا الكتب على من قبلك أنزلنا هذا الكتاب عليك لأن قوله تعالى:وَٱلَّذِينَ ءاتَيْنَـٰهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ } [الرعد:36] يتضمن إنزاله تعالى ذلك وهذا الذي أنزلناه بلسان العرب كما أن الكتب السابقة بلسان من أنزلت عليهوَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ ٱللَّهِ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيّنَ لَهُمْ } [إبراهيم: 4] وإلى هذا ذهب الإمام وأبو حيان، وقال ابن عطية: المعنى كما يسرنا هؤلاء للفرح وهؤلاء لإنكار البعض أنزلناه حكماً إلى آخره وليته ما قيل، وإلا بلغ الاحتمال الأول مما أشرنا إليه، ونصب { حُكْمًا } على الحال من منصوب { أَنزلْنَـٰهُ } وإذا أريد به حاكماً كان هناك مجاز في النسبة كما لا يخفى، ونصب { عَرَبِيّاً } على الحال أيضاً إما من ضمير { أَنزَلْنَـٰهُ } كالحال الأولى فتكون حالا مترادفة أو من المستتر في الأولى فتكون حالاً متداخلة، ويصح أن يكون وصفاً ـ لحكماً ـ الحال وهي موطئة وهي الاسم الجامد الواقع حالاً لوصفه بمشتق وهو الحال في الحقيقة، والأول أولى لأن { حُكْمًا } مقصود بالحالية هنا والحال الموطئة لا تقصد بالذات. واختار الطبرسي أن معنى { حُكْمًا } حكمة كما في قوله تعالى:آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحُكْمَ وَٱلنُّبُوَّةَ } [الأنعام: 89] وهو أحد أوجه ذكرها الإمام، ونصبه على الحال أيضاً فلا تغفل.

((واستدلت المعتزلة بالآية على حدوث القرآن من وجوه: الأول أنه تعالى وصفه بكونه منزلاً وذلك لا يليق إلا بالمحدث. الثاني أنه وصفه بكونه عربياً والعربـي أمر وضعي وما كان كذلك كان محدثاً.

السابقالتالي
2