الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱسْتَبَقَا ٱلْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى ٱلْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوۤءًا إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ وَٱسُتَبَقَا ٱلْبَابَ } متصل بقوله سبحانه:وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا } [يوسف: 24] الخ، وقوله تعالى:كَذٰلِكَ } [يوسف: 24] الخ اعتراض جيء به بين المعطوفين تقريراً لنزاهته عليه السلام، والمعنى لقد همت به وأبى هو واستبقا أي تسابقا إلى الباب على معنى قصد كل من يوسف عليه السلام وامرأة العزيز سبق الآخر إليه فهو ليخرج وهي لتمنعه من الخروج؛ وقيل: المراد من السبق في جانبها الإسراع إثره إلا أنه عبر بذلك للمبالغة، ووحد (الباب) هنا مع جمعه أولاً لأن المراد الباب البراني الذي هو المخلص؛ واستشكل بأنه كيف يستبقان إليه ودونه أبواب جوانيه بناءاً على ما ذكروا من أن الأبواب كانت سبعة. وأجيب بأنه روي عن كعب أن أقفال هاتيك الأبواب كانت تتناثر إذا قرب إليها يوسف عليه السلام وتتفتح له؛ ويحتمل أنه لم تكن تلك الأبواب المغلقة على الترتيب باباً فباباً بل كانت في جهات مختلفة كلها منافذ للمكان الذي كانا فيه فاستبقا إلى باب يخرج منه، ونصب (الباب) على الاتساع لأن أصل استبق أن يتعدى بإلى لكن جاء كذلك على حدوَإِذَا كَالُوهُمْ } [المطففين: 3]وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً } [الأعراف: 155]، وقيل: إنه ضمن الاستباق معنى الابتدار فعدى تعديته.

{ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ } يحتمل أن يكون معطوفاً على { استبقا } ، ويحتمل أن يكون في موضوع الحال كما قال أبو حيان أي وقد قدت. والقدّ القطع والشق وأكثر استعماله فيما كان طولاً وهو / المراد هنا بناءً على ما قيل: إنها جذبته من وراء فانخرق القميص إلى أسفله، ويستعمل القط فيما كان عرضاً، وعلى هذا جاء ما قيل في وصف علي كرم الله تعالى وجهه: إنه كان إذا اعتلى قدّ وإذا اعترض قط، وقيل، القدّ هنا مطلق الشق، ويؤيده ما نقل عن ابن عطية أنه قرأت فرقة ـ وقط ـ وقد وجد ذلك في مصحف المفضل بن حرب. وعن يعقوب تخصيص القدّ بما كان في الجلد والثوب الصحيحين. والقميص معروف، وجمعه أقمصة وقمص وقمصان، وإسناد القدّ بأي معنى كان إليها خاصة مع أن لقوة يوسف عليه السلام أيضاً دخلاً فيه إما لأنها الجزء الأخير للعلة التامة، وإما للإيذان بمبالغتها في منعه عن الخروج وبذل مجهودها في ذلك لفوت المحبوب أو لخوف الافتضاح.

{ وَأَلْفَيَا } أي وجدا، وبذلك قرأ عبد الله { سَيِّدَهَا } أي زوجها وهو فيعل من ساد يسود، وشاع إطلاقه على المالك وعلى الرئيس، وكانت المرأة إذ ذاك على ما قيل: تقول لزوجها سيدي، ولذا لم يقل سيدهما، وفي «البحر» إنما لم يضف إليهما لأنه لم يكن مالكاً ليوسف حقيقة لحريته { لُّدّاً ٱلْبَابَ } أي عند الباب البراني، قيل: وجداه يريد أن يدخل مع ابن عمر لها { قَالَتْ } استئناف مبني على سؤال يقول؛ فماذا كان حين ألفيا السيد عند الباب؟ فقيل.

السابقالتالي
2 3