الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَ ٱلَّذِي ٱشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَآ أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ ٱلأَحَادِيثِ وَٱللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ }

{ وَقَالَ ٱلَّذِى ٱشْتَرَاهُ مِن مّصْرَ } فهذا الشراء غير الشراء السابق الذي كان بثمن بخس، وزعم اتحادهما ضعيف جداً وإلا لا يبقى لقوله: { مِن مّصْرَ } كثير جدوى. وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد العمليقي ومات في حياة / يوسف عليه السلام بعد أن آمن به فملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه إلى الايمان فأبـى. وقيل: كان الملك في أيامه فرعون موسى عليه السلام عاش أربعمائة سنة بدليل قوله تعالى:وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ } [غافر: 34]، وقيل: فرعون موسى عليه السلام من أولاد فرعون يوسف عليه السلام، والآية من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء وهو الصحيح، وظاهر أمر العزيز أنه كان كافراً واستدل في «البحر» على ذلك بكون الصنم في بيته حسبما يذكر في بعض الروايات. وقال مجاهد: كان مؤمناً، ولعل مراده أنه آمن بعد ذاك وإلا فكونه مؤمناً يوم الاشتراء مما لا يكاد يسلم، نعم إنه اعتنى بأمر يوسف عليه السلام ولذا قال: { لاِمْرَأَتِهِ } راعيل بنت رعابيل، وهو المروي عن مجاهد. وقال السدي: زليخا بنت تمليخا، وقيل: اسمها راعيل ولقبها زليخا، وقيل: بالعكس، والجار الأول كما قال أبو البقاء: متعلق ـ باشتراه ـ كقولك. اشتريته من بغداد أي فيها أو بها، أو متعلق بمحذوف وقع حالا من { الَّذِي }. أو من الضمير في ـ اشترى ـ أي كائناً من أهل مصر، والجار الثاني متعلق ـ بقال ـ كما أشرنا إليه لا ـ باشتراه ـ ومقول القول: { أَكْرِمِي مَثْوَٰهُ } أي اجعلي محل ثوائه وإقامته كريما أي حسناً مرضيا، وهذا كناية عن إكرامه عليه السلام نفسه على أبلغ وجه وأتمه لأن من أكرم المحل بتنظيفه وفرشه ونحو ذلك فقد أكرم ضيفه بسائر ما يكرم به، وقيل: المثوى مقحم يقال: الملجس العالي والمقام السامي، والمعنى أحسني تعهده والنظر فيما يقتضيه إكرام الضيف { عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا } في قضاء مصالحنا إذا تدرب في الأمور وعرف مجاريها { أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا } أي نتبناه ونقيمه مقام الولد، وكان فيما يروى عقيماً، ولعل الانفصال لمنع الخلو. وزعم بعضهم أنه لمنع الجمع على معنى عسى أن نبيعه فننتفع بثمنه وليس بشيء، وكان هذا القول من العزيز لما تفرس فيه من مخايل الرشد والنجابة، ومن ذلك قال ابن مسعود رضي الله عنه فيما أخرجه سعيد بن منصور والحاكم وصححه وجماعة: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: { أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا } الخ والمرأة التي أتت موسى فقالت لأبيها:يٰأَبَتِ ٱسْتَئْجِرْهُ } [القصص: 26] وأبو بكر حين استخلف عمر.

{ وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ } أي جعلنا له فيها مكاناً يقال: مكنه فيه أي أثبته فيه.

السابقالتالي
2 3