الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ ٱللَّهِ وَٱتَّخَذْتُمُوهُ وَرَآءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }

{ قَالَ يٰقَوْمِ أَرَهْطِيۤ أَعَزُّ عَلَيْكُم مّنَ ٱللَّهِ } أي من نبـي الله على ما قال عليه الرحمة، ووجه الاستدلال كما قال العلامة وغيره: إنه لو لم يكن قصدهم اختصاصه بنفي العزة بل مجرد الإخبار بعدم عزته عليهم لم يستقم هذا الجواب ولم يكن مطابقاً لمقالهم إذ لا دلالة لنفي العزة عنه على ثبوتها للغير، وإنما يدل على ذلك اختصاصه بنفي العزة. واعترض صاحب «الإيضاح» بأن هذا من باب أنا عارف وهو لا يفيد الاختصاص وفاقاً وإنما يفيده التقديم على الفعل مثل أنا عرفت، وكون المشتقات قريبة من الأفعال في التقوي لا يقتضي كونها كالأفعال في الاختصاص والتمسك بالجواب ضعيف لجواز أن يكون جواباً لقولهم:لَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَـٰكَ } [هود: 91] فإنه يدل على أن رهطه هم الأعزة حيث كان الامتناع عن رجمه بسببهم لا بسببه ومعلوم بحسب الحال والمقام أن ذلك لعزتهم لا لخوفهم، وتعقبه السيد السند بأن صاحب «الكشاف صرح» بالتخصيص في قوله تعالى:كَلآ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قآئِلُهَا } [المؤمنون: 100] فكيف يقال: باب أنا عارف لا يفيد الاختصاص اتفاقاً وإن جعله جواباً لما أنت عليهم بعزيز هو الظاهر بأن يجعل التنوين للتعظيم فيدل على ثبوت أصل العزة له عليه السلام ولا دلالة لقولهم:وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَـٰكَ } [هود: 91] على اشتراك العزة فلا يلائمه أرهطى أعز عليكم، ثم قال: فإن قيل: شرط التخصيص عند السكاكي أن يكون المقدم / بحيث إذا أخر كان فاعلاً معنوياً ولا يتصور ذلك فيما نحن فيه قلنا: إن الصفة بعد النفي تستقل مع فاعلها كلاماً فجاز أن يقال: ما عزيز أنت على أن يكون أنت تأكيداً للمستتر ثم يقدم ويدخل الباء على { عَزِيزٌ } بعد تقديم { أَنتَ } وجعله مبتدأ وكذلك قوله سبحانه:وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } [هود: 29]وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ } [الأنعام: 107] مما لي حرف النفي وكان الخبر صفة، وقد صرح صاحب «الكشاف» وغيره بإفادة التقديم الحصر في ذلك كله، وأما صورة الإثبات نحو أنا عارف فلا يجري فيها ذلك فلا يفيد عنده تخصيصاً، وإن كان مفيداً إياه عند من لا يشترط ذلك.

وأجاب صاحب «الكشف» عما قاله صاحب «الإيضاح» بعد نقل خلاصته: بأن ما فيه الخبر وصفاً كما يقارب ما فيه الخبر فعلاً في إفادة التقوي على ما سلمه المعترض يقاربه في إفادة الحصر لذلك الدليل بعينه، وأن قولهم:وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَـٰكَ } [هود: 91] كفى به دليلاً أن حق الكلام أن يفاد التخصيص لا أصل العز ففهمه من ذلك لا ينافي كونه جواباً لهذا الكلام بل يؤكده، وقد صرح الزمخشري بإفادة نحو هذا التركيب الاحتمالين في أنها كلمة هو قائلها. وقال العلامة الطيبـي: إن قوله تعالى:

السابقالتالي
2 3