الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالُوۤاْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ }

{ قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ } أي قدرته وحكمته أو تكوينه أو شأنه سبحانه أنكروا عليها تعجبها لأنها كانت ناشئة في بيت النبوة ومهبط الوحي ومحل الخوارق فكان حقها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء من أمثال هذه الخوارق من ألطاف الله سبحانه الخفية ولطائف صنعه الفائضة على كل أحد ممن يتعلق بإفاضته عليه مشيئته تعالى الأزلية لا سيما أهل بيت النبوة الذين هم هم وأن تسبح الله تعالى وتمجده وتحمده، وإلى ذلك أشاروا بقوله تعالى: { رَحْمَتُ ٱللَّهِ } المستتبعة كل خير / ووضع المظهر موضع المضمر لزيادة تشريفها والإيماء إلى عظمتها { وَبَرَكَـٰتُهُ } أي خيراته النامية المتكاثرة التي من جملتها هبة الأولاد، وقيل: الرحمة النبوة والبركات الأسباط من بني إسرائيل لأن الأنبياء عليهم السلام منهم وكلهم من ولد إبراهيم عليه السلام؛ وقيل: رحمته تحيته وبركاته فواضل خيره بالخلة والإمامة.

{ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ } نصب على المدح أو الاختصاص كما ذهب إليه كثير من المعربين، قال أبو حيان: وبينهما فرق ولذلك جعلهما سيبويه في بابين وهو أن المنصوب على المدح لفظ يتضمن بوضعه المدح كما أن المنصوب على الذم يتضمن بوضعه الذم والمنصوب على الاختصاص يقصد به المدح أو الذم لكن لفظه لا يتضمن بوضعه ذلك كقول رؤية:
بنا تميما يكشف الضباب ))   
انتهى، وفي «الهمع» أن النصب في الاختصاص بفعل واجب الإضمار وقدره سيبويه ـ بأعني ـ ويختص بأن الواقعة بعد ضمير المتكلم كأنا أفعل كذا أيها الرجل وكاللهم اغفر لنا أيتها العصابة، وحكمها في هذا الباب ـ إلا عند السيرافي والأخفش ـ حكمها في باب النداء ويقوم مقامها في الأكثر كما ـ قال سيبويه ـ بنو نحو قوله:
نحن بني ضبة أصحاب الجمل   
ومنه قوله:
نحن بنات طارق   نمشي على النمارق
ومعشر كقوله:
لنا معشر الأنصار مجد مؤثل   بإرضائنا خير البرية أحمدا
وفي الحديث " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " وآل وأهل، وأبو عمرو لا ينصب غيرهما وليس بشيء، وقلّ كون ذلك علماً كما في بيت رؤبة السابق في كلام أبـي حيان، ولا يكون اسم إشارة ولا غيره ولا نكرة البتة ولا يجوز تقديم اسم الاختصاص على الضمير، وقلّ وقوع الاختصاص بعد ضمير المخاطب كسبحانك الله العظيم، وبعد لفظ غائب في تأويل المتكلم أو المخاطب نحو على المضارب الوضيعة أيها البائع، فالمضرب لفظ غيبة لأنه ظاهر لكنه في معنى على أو عليك، ومنع ذلك الصفار البتة لأن الاختصاص شبه النداء فكما لا ينادى الغائب فكذلك لا يكون فيه الاختصاص انتهى مع أدنى زيادة وتغيير، ومنه يعلم بعض ما في كلام أبـي حيان وأن حمل ما في الآية الكريمة على الاختصاص انتهى مع أدنى زيادة وتغيير، ومنه يعلم بعض ما في كلام أبـي حيان وأن حمل ما في الآية الكريمة على الاختصاص من ارتكاب ما قل في كلامهم، وجوز في «الكشاف» نصبه على النداء، وقدمه على احتمال النصب على الاختصاص، ولعله أشار بذلك إلى ترجيحه على الاحتمال الثاني لكن ذكر بعض الأفاضل إن في ذلك فوات معنى المدح المناسب للمقام.

السابقالتالي
2 3