الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يٰقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ }

{ وَإِلَىٰ عَادٍ } متعلق بمحذوف معطوف على قوله سبحانه:أَرْسَلْنَا } [هود: 25] في قصة نوح وهو الناصب لقوله تعالى: { أَخَـٰهُمْ } أي وأرسلنا إلى عاد أخاهم أي واحداً منهم في النسب كقولهم: / يا أخا العرب، وقدم المجرور ليعود الضمير عليه، وقيل: إن { إِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ } عطف على قوله تعالى:نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } [هود: 25] المنصوب على المنصوب. والجار والمجرور على الجار والمجرور، وهو من العطف على معمولي عامل واحد وليس من المسألة المختلف فيها، نعم الأول أقرب ـ كما في «البحر» ـ لطول الفصل بالجمل الكثيرة بين المفردات المتعاطفة، وقوله سبحانه: { هُودًا } عطف بيان ـ لأخاهم ـ وجوز أن يكون بدلاً منه وكان عليه السلام ابن عم أبـي عاد وأرسل إليه من هو منهم ليكون ذلك أدعى إلى اتباعه.

{ قَالَ } استئناف بياني حيث كان إرساله عليه السلام مظنة للسؤال عما قال لهم ودعاهم كأنه قيل: فما قال لهم حين أرسل إليهم؟ فقيل: قال: { يَٰقَوْمٌ } ناداهم بذلك استعطافاً لهم، وقرأ ابن محيصن { يَٰقَوْمٌ } بالضم وهي لغة في المنادى المضاف إلى الياء حكاها سيبويه وغيره { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } أي وحده وكانوا مشركين يعبدون الأصنام؛ ويدل على أن المراد ذلك قوله تعالى: { مَا لَكُم مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } فإنه استئناف يجري مجرى البيان للعبادة المأمور بها، والتعليل للأمر بها كأنه قيل: أفردوه بالعبادة ولا تشركوا به شيئاً إذ ليس لكم إله غيره سبحانه على أنه لا اعتداد بالعبادة مع الإشراك، فالأمر بها يستلزم الأمر بإفراده سبحانه بها و { غَيْرُهُ } بالرفع صفة ـ لإله ـ باعتبار محله لأنه فاعل للظرف لاعتماده على النفي، وقرأ الكسائي بالجر على أنه صفة له جار على لفظه { إِنْ أَنتُمْ } ما أنتم بجعلكم الألوهية لغيره تعالى كما قال الحسن ـ أو بقولكم: إن الله تعالى أمرنا بعبادة الأصنام { إِلاَّ مُفْتَرُونَ } عليه تعالى عن ذلك علواً كبيراً.