الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ كُـلاًّ لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }

{ وَإِنَّ كُـلاًّ } التنوين عوض عن المضاف إليه كما هو المعروف في تنوين كل عند قوم من النحاة، وقيل: إنه تنوين تمكين لكنه لا يمنع تقدير المضاف إليه أيضاً أي وإن كل المختلفين المؤمنين والكافرين. وقال مقاتل: يعني به كفار هذه الأمة { لَّمَّا لَيُوَفّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَـٰلَهُمْ } أي أجزية أعمالهم، ولام { لَيُوَفّيَنَّهُمْ } واقعة في جواب القسم أي والله ليوفينهم، و { لَّمّاً } بالتشديد وهو مع تشديد أن قراءة ابن عامر وحمزة وحفص وأبـي جعفر وتخريج الآية على هذه القراءة مشكل حتى قال المبرد: إنها لحن وهو من الجسارة بمكان لتواتر القراءة وليته قال: ما أدري ما وجه هذه القراءة. واختلفوا في تخريجها فقال أبو عبيدة: إن أصل { لَّمّاً } هذه لما منوناً، وقد قرىء كذلك ثم بنى على فعلى وهو مأخوذ من لممته إذا جمعته، ولا يقال: إنها { لَّمّاً } المنونة وقف عليها بالألف، وأجري الوصل مجرى الوقف لأن ذلك على ما قال أبو حيان: إنما يكون في الشعر واستبعد هذا التخريج بأنه لا يعرف بناء فعلى من لمّ، وبأنه يلزم لمن أمال فعلى أن يميلها ولم يملها أحد بالإجماع وبأنه كان القياس أن تكتب بالياء ولم تكتب بها، وسيعلم إعراب الآية على هذا مما سيأتي إن شاى الله تعالى. وقيل: { لَّمّاً } المخففة وشددت في الوقف ثم أجري الوصل مجرى الوقف وحينئد فالإعراب ما ستعرفه أيضاً إن شاء الله تعالى وهو بعيد جداً، وقيل: إنها بمعنى إلا، وإلا تقع زائدة كما في قوله:
حلفت يميناً غير ذي مثنوية   يمين امرىء إلا بها غير آثم
فلا يبعد أن { لَّمّاً } التي بمعناها زائدة وهو وجه ضعيف مبني على وجه ضعيف في إلا، وعن المازني أن (إن) المشددة هن نافية، و { لَّمّاً } بمعنى إلا غير زائدة وهو باطل لأنه لم يعهد تثقيل (إن) النافية، ولنصب ـ كل ـ والنافية لا تنصب. وقال الحوفي: { إن } على ظاهرها و { لَّمّاً } بمعنى إلا كما في قولك: نشدتك بالله إلا فعلت، وضعفه أبو علي بأن { لَّمّاً } هذه لا تفارق القسم قبلها وليس كما ذكر فقد تفارق؛ وإنما يضعف ذلك بل يبطله كما قال أبو حيان: إن الموضع ليس موضع دخول إلا ألا ترى أنك لو قلت: إن زيداً إلا ضربت لم يكن تركيباً عربياً؛ وقيل: إن { لَّمّاً } هذه أصلها لمن ما فهي مركبة من اللام ومن الموصولة أو الموصوفة وما الزائدة فقلبت النون ميماً للادغام فاجتمعت ثلاث ميمات فحذفت الوسطى منها ثم أدغم المثلان، وإلى هذا ذهب المهدوي. وقال الفراء وتبعه جماعة منهم نصر الشيرازي: إن أصلها لمن ما بمن الجارة وما الموصولة أو الموصوفة وهي على الاحتمالين واقعة على من يعقل فعمل بذلك نحو ما عمل على الوجه الذي قبله، وقد جاء هذا الأصل في قوله:

السابقالتالي
2 3 4