الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَياةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ ٱللَّهِ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَفِي ٱلآخِرَةِ } استئناف جيء به في موضع التعليل لنفي حزنهم والخوف عليهم في قول، وفي آخر جيء به بياناً لما أولاهم سبحانه من خيرات الدارين بعد أن أخبر جل وعلا بانجائهم / من شرورهما ومكارههما وكأنه على هذا قيل: هل لهم وراء ذلك من نعمة وكرامة؟ فقيل: لهم البشرى الخ، وتقديم الأول لما أن التخلية سابقة على التحلية مع ما فيه من رعاية حق المقابلة بين حسن حال المؤمنين وسوء حال المفترين وتعجيل إدخال المسرة بتبشير الخلاص عن الأهوال، وتوسيط البيان السابق بين التخلية والتحلية لإظهار كمال العناية به مع الإيذان بأن انتفاء ما تقدم لإيمانهم واتقائهم عما يؤدي إليه من الأسباب، ومن الناس من فسر الأولياء بالذين يتولونه تعالى بالطاعة ويتولاهم بالكرامة وجعلٱلَّذِينَ آمنوا } [يونس: 63] الخ تفسيراً لتوليهم إياه تعالى، وهذه الجملة تفسيراً لتوليته تعالى إياهم.

وتعقب بأنه لا ريب في أن اعتبار القيد الأخير في مفعوم الولاية غير مناسب لمقام ترغيب المؤمنين في تحصيلها والثبات عليها وبشارتهم بآثارها ونتائجها بل مخل بذلك إذ التحصيل إنما يتعلق بالمقدور والاستبشار لا يحصل إلا بما علم وجود سببه والقيد المذكور ليس بمقدور لهم حتى يحصلوا الولاية بتحصيله ولا بمعلوم لهم عند حصوله حتى يعرفوا حصول الولاية لهم ويستبشروا بمحاسن آثارها بل التولي بالكرامة عين نتيجة الولاية فاعتباره في عنوان الموضوع ثم الإخبار بعدم الخوف والحزن مما لا يليق بشأن التنزيل الجليل انتهى، وأنت تعلم أن ما ارتكبه ذلك البعض تكلف وعدول عن الظاهر فلا ينبغي العدول إليه وإن كان ما ذكره المتعقب لا يخلو عن نظر. وجوز كون الموصول مبتدأ وهذه الجملة خبره، وفي بعض الأخبار ما يؤيده.

و { ٱلْبُشْرَىٰ } في الأصل الخبر بما يظهر السرور في بشرة الوجه ومثلها البشارة وتطلق على المبشر به من ذلك وإلى إرادة كل ذهب بعض، والظرفان بعده على الأول متعلقان به وعلى الثاني في موضع الحال منه، والعامل ما في الخبر من معنى الاستقرار أي لهم البشرى حال كونها في الدنيا وحال كونها في الآخرة أي عاجلة وآجلة؛ أو من الضمير المجرور أي حال كونهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، والثابت في أكثر الروايات أن البشرى في الحياة الدنيا هي الرؤيا الصالحة التي هي جزء من ستة وأربعين جزأ من النبوة كما هو المشهور، أو جزء من سبعين جزأ منها كما أخرجه ابن أبـي شيبة عن ابن عمر وأبـي هريرة وهو وابن ماجه عن الأول فقد أخرج الطيالسي وأحمد والدارمي والترمذي وابن ماجه والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي وغيرهم عن عبادة بن الصامت قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله سبحانه: { لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فِي ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا } قال: هي

السابقالتالي
2 3