الرئيسية - التفاسير


* تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ ٱلظَّالِمِينَ }

{ وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ ٱللَّهِ } استقلالاً ولا اشتراكاً { مَا لاَ يَنفَعُكَ } بنفسه إذا دعوته بدفع مكروه أو جلب محبوب { وَلاَ يَضُرُّكَ } إذا تركته بسلب المحبوب دفعاً أو رفعاً أو بإيقاع المكروه، والجملة قيل معطوفة على جملة النهي قبلها، واختار بعض المحققين عطفها على قوله سبحانه:قُلْ يٰ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ } [يونس: 104] فهي غير داخلة / تحت الأمر لأن ما بعدها من الجمل إلى آخر الآيتين متسقة لا يمكن فصل بعضها عن بعض ولا وجه لإدراج الكل تحت الأمر. وأنت تعلم أنه لو قدر فعل الإيحاء فيوَأَنْ أَقِمْ } [يونس: 105] كما فعل أبو حيان وصاحب «الفرائد» لا مانع من العطف كما هو الظاهر على جملة النهي المعطوفة على الجملة الأولى وإدراج جميع المتسقات تحت الإيحاء، وقد يرجح ذلك التقدير بأنه لا يحتاج معه إلى ارتكاب خلاف الظاهر من العطف على البعيد، وقيل: لا حاجة إلى تقدير الإيحاء والعطف كما قيل والأمر السابق بمعنى الوحي كأنه قيل: وأوحي إليَّ أن أكون الخ والاندراج حينئذٍ مما لا بأس به وهو كما ترى ولا أظنك تقبله.

{ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مّنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ } أي معدوداً في عدادهم، والفعل كناية عن الدعاء كأنه قيل: فإن دعوت ما لا ينفع ولا يضر، وكنى عن ذلك على ما قيل تنويهاً لشأنه عليه الصلاة والسلام وتنبيهاً على رفعة مكانه صلى الله عليه وسلم من أن ينسب إليه عبادة غير الله تعالى ولو في ضمن الجملة الشرطية. والكلام في فائدة نحو النهي المذكور قد مر آنفاً، وجواب الشرط على ما في النهي جملة { فَإِنَّكَ } وخبرها أعني { مِنَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ } وتوسطت { إِذَاً } بين الاسم والخبر مع أن رتبتها بعد الخبر رعاية للفاصلة. وفي «الكشاف» أن { إِذَاً } جزاء للشرط وجواب لسؤال مقدر كأن سائلاً سأل عن تبعة عبادة الأوثان فجعل من الظالمين لأنه لا ظلم أعظم من الشركإِنَّ ٱلشّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [لقمان: 13] وهذه عبارة النحويين، وفسرت كما قال الشهاب: بأن المراد أنها تدل على أن ما بعدها مسبب عن شرط محقق أو مقدر وجواب عن كلام محقق أو مقدر. وقد ذكر الجلال السيوطي عليه الرحمة في «جمع الجوامع» ـ بعد أن بين أن ـ إذاً الظرفية قد يحذف جزء الجملة التي أضيفت هي إليها أو كلها فيعوض عنه التنوين وتكسر للساكنين لا للإعراب خلافاً للأخفش وقد تفتح ـ أن شيخه الكافيجي ألحق بها { إَذِنَ } ، ثم قال في شرحه «همع الهوامع»: وقد أشرت بقولي: وألحق شيخنا بها في ذلك { أَذِنَ } إلى مسألة غريبة قل من تعرض لها؛ وذلك أني سمعت شيخنا عليه الرحمة يقول في قوله تعالى:

السابقالتالي
2