الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ الأعْرابُ } عرب البادية، والعرب يطلق أيضا على من سكن القرى والمدن، ممن نسبته عربية، وكلامه عربى، فهو أعم من الأعراب بالعموم المطلق، وقيل العرب من سكن الحاضرة فقط، فبينهما مباينة، وكلاهما اسم جمع، والمفرد عربى وأعرابى، وليس الأعراب جمع للعرب كما قيل، وذكر بعض شيوخ ابن قاسم أن العرب خلاف العجم، سكنوا البادية أو القرى، والأعراب سكان البادية، تكلموا بالعربية أولا فيهما عموم وخصوص من وجه، قال ابن قاسم إن أريد بالعجم عجم النسب توقف العموم من وجه، على أن يراد بسكان البوادى من يشمل عجم النسب، وإن أريد عجم اللسان أو أعم من عجم النسب واللسان لم يتوقف على ذلك، وقال الغزى فى حاشية مطول السعد الأعجمى منسوب إلى الأعجم، وهو الذى لا يفصح وإن كان من العرب، والعربى خلافه، وعليه فليس بين الأعراب والعرب عموم وخصوص من وجه، ويجمع الأعراب على أعاريب. { أشدُّ كُفْراً } شركاً { ونِفاقاً } من أهل الحضر لبعدهم عن مجالسة العلماء، وسماع القرآن والسنة والوعظ، ولذلك قست قلوبهم، ونجم نفاقهم، وأطلقوا ألسنتهم، كان زيد بن صوحان يحدث أصحابه بالعلم، وعنده أعرابى، وقد أصيبت يده اليسرى يوم نهاوند، فقال الأعرابى والله إن حديثك ليعجبنى، وإن يدك لتريبنى، فقال وما يريبك من يدى وهى اليسرى؟ فقال الأعرابى والله ما أدرى اليمين تقطعون أم الشمال؟ فقال زيد قال الله { الأعراب أشد كفرا ونفاقا }. { وأجْدرُ } أى أحق { أن لا يَعْلمُوا } يعرفوا { حُدودَ ما أنزلَ اللهُ على رسُولِه } الفرائض والسنن والأحكام ومعالم الشريعة، وفى الحديث " الجفا والقسوة فى الفدادين " وهم الحمالون والرعيان والبقارون والحمارون والفلاحون وأصحاب الوبر والذين تعلوا أصواتهم فى حروثهم ومواشيهم { والله عليمٌ } بحال أهل الوبر والمدر { حَكيمٌ } فيما يصيب به المسىء والمحسن عقابا وثوابا، وفى ما حد من الحدود.