الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ }

{ سَيحْلفُونَ باللهِ إذا انقَلبْتُم } رجعتم { إلَيهم لتُعرضُوا عَنْهم } أى لتتركوا عتابهم وتوبيخهم { فأعْرضُوا عَنْهم } كما يحبون، فإن العتاب لا يؤثر فيهم، وعلل ذلك بقوله { إنَّهم رجْسٌ } أى لأنهم نفس الخبث والنجس، فلا يطهره شىء، بخلاف من أصله طاهر، فإنه اذا فرطت منه زلة أمكن تطهيرها وبقوله { ومَأواهُم جَهنَّم } أى مصيرهم هى، والتعليلان مغيبان وكأنه قيل لأنهم نفس الخبث والنجس، ولأن الله سبحانه قد أوعدهم النار فهى تكفيهم عتابا وتوبيخا فلا تتكلفوهما، أو هذا من تمام التعليل الأول، وقيل معنى { فأعرضوا عنهم } فلا تجالسوهم ولا تكلموهم { جزاء } مفعول مطلق أو مفعول لأجله معلل لقوله اعرضوا أو للمحذوف أى اوعدتهم بجهنم جزاء { بمَا كانُوا يكْسبُونَ }. وعن بعضهم إن هذه الآية { سيحلفون بالله } الخ أول ما نزل فى المنافقين فى غزوة تبوك، وذلك أن بعض المنافقين استأذنوه فى التخلف فأذن لهم، فخرجوا من عنده، وقال أحدهم والله ما هو إلا شحمة لأول آكل، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل فيهم القرآن، فانصرف رجل من القوم فقال للمنافقين فى مجلس منهم والله لقد نزل على محمد فيكم قرآن، فقالوا له وما ذلك؟ قال لا أحفظ إلا أنى سمعت وصفكم بالرجس، فقال لهم مخشى والله لوددت أن أجلد مائة جلدة ولا أكون معكم، فلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال " ما جاء بك " فقال وجه رسول الله تسفه الريح، وأنا فى الكن، فروى أنه ممن تاب، وقيل لما قدم من تبوك جلس للناس، فجاء المتخلفون يعتذرون ويحلفون، فقبل عنهم، وبايعهم واستغفر لهم، ورضى عنهم فنزل قوله تعالى { يحْلفُونَ لكُم لترْضَوا عَنْهم... }.