الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُعْتَدُونَ }

{ اشْتَروا بآياتِ الله ثمناً قَليلاً } استبدلوا بالقرآن عرضا يسيرا، وهو اتباع الأهواء والشهوات، شبه تركهم القرآن مع تمكنهم من اتباعه ببيعه. { فَصدُّوا } أى أعرضوا، فهو لازم، أو منعوا الناس فهو متعد، والفاء للسببية تفيد أن الاشتراء سبب للصد { عَنْ سَبِيلهِ } دينه وهو شامل للطواف بالبيت والحج، قيل أو سبيله سبيل بيته، فحذف المضاف، وذلك أنهم منعوا الناس عن المسجد الحرام والحج، والصحيح الأول لأنه الظاهر بلا حذف، ولأنه عام فيشمل كل إعراض أو منع عن دين الله، مثل إمداد أهل الطائف قريشا بالأموال ليقووا على حرب رسول الله صلى الله وسلم وغير ذلك، وقد ذكر عن ابن عباس أن هذا فى إمداد أهل الطائف. { إنَّهم سَاءَ } بئس، ولو قدر له مفعول، أى ساء المؤمنين لم يكن من باب بئس، لكنه ضعيف { ما كانُوا يعْمَلون } هذا العمل من الشراء والصد والنقض، وعدم رقبهم الإل والذمة، أو غير ذلك، وقد قيل إن المخصوص بالذم هو عدم رقبهم الإل والذمة، وأن قوله { لا يرْقُبونَ فى مُؤمنٍ إلاًّ ولا ذِمَّةً } تفسير له لا تكرير، والواضح أن المخصوص بالذم عام كما رأيت، وهذا تكرير لعدم مراقبتهم الإل والذمة تهييجا على قتالهم، وإشعارا بأن عداوتهم بحسب الإيمان، إذ قال { فى مؤمن } وقد يقال بهذا إنه لا تكرير، إذ ليس فى لفظ الأول ما يدل على أنها بحسب الإيمان إلا ما يعلم من المقام، وقال الحسن يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم، وأكثرهم فاسقون، ذلك فى المنافقين و { اشتروا بآيات الله } إلى قوله { ذمة } فى الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان على طعام، وندبهم على وجه من وجوه النقض، فأجابوا، وقالوا هذا مجاهد، وقيل فى اليهود. قال عياض هذا وإن كانت ألفاظ الآية تقتضيه فما قبلها وما بعدها يردانه، والصحيح حمل ذلك كله على العموم، ولا وجه لرد بعض الضمائر إلى شىء، وبعضها إلى آخر، فإنه ضعيف ولا سيما أنه لم يتقدم ذكر هؤلاء المنافقين على الخصوص، ثم ذكر الأعراب أو اليهود، بل تقدم ما هو عام وهو لفظ المشركين، فإن أراد أصحاب هذه الأقوال أن الضمائر راجعة إلى المشركين عموما، وأن خصلة كذا صادقة فى المنافقين، وخصلة كذا فى الأعراب، أو خصلة كذا فى اليهود صح، كما تقول جاء الناس وأكلوا وشربوا وناموا، مع أن الأكل صدر من بعضهم مثلا، والشرب من بعض، والنوم من بعض، ولا يقال إن المشركين لا يشتمل المنافقين، لأن النفاق قد يكون بإسرار الشرك { وأولئِكَ هُم المعْتَدونَ } المجاورون الحد بالعداوة والنقض.