الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

{ وَعَدَ اللهُ المؤمِنينَ والمؤمِناتِ } هذا ذكر لوعد المؤمنين، كما ذكر وعيد غيرهم { جَنَّاتٍ تَجرى مِنْ تَحْتها } أى من أشجارها، أو من تحت علياتها، أو تحت مجالسها وفرشها { الأنهارُ } فإن ماء الجنة يطلع إلى فوق ولا يتفسح، ويجرى تحت الفراش، أعنى قربه ولا يبله، وإذا أراده السعيد طلع إليه فى فراشه. { خَالدينَ فِيها ومَسَاكن طَيِّبةً } تستطيبها النفس، أو يطيب فيها العيش، قال الحسن سألت عنها عمران بن الحصين وأبا هريرة فقالا على الخبير سقطت، سألنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " لكل مؤمن قصر من لؤلؤ فيه سبعون دارا من ياقوتة حمراء، فى كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء، فى كل بيت سبعون سريرا، على كل سرير سبعون فراشا من كل لون، على كل فراش زوجة من الحور العين، وفى كل بيت سبعون مائدة، على كل مائدة سبعون لونا من طعام، وفى كل بيت سبعون وصيفة، ويعطى المؤمن من القوة ما يأتى على ذلك كله أجمع ". وعن ابن عباس الخيمة درة مجوفة فرسخ فى فرسخ، لها أربعة آلاف مصراع من ذهب، وعن أبى موسى الأشعرى أن الرجل من أهل الجنة تكون له الخيمة طولها فى السماء سبعون ميلا، وأن له فيها لأهل يطوف عليهم لا يشعر بهم الآخرون، وعن الحسن أدنى أهل الجنة آخرهم دخولا، فينظر مسيرة مائة ألف سنة كلها له معمورة، قصور ذهب وفضة، وخيام لؤلؤ وياقوت، فيها أزواجه وخدمه، يُغْدَى عليه كل صباح ورواح بسبعين ألف صحيفة ذهب، فى كل منها لون ليس فى الأخرى، يأكل من آخرها كما يأكل من أولها، لو نزل عليه الجن والإنس فى غداء واحد لوسعهم، ولم ينقص شيئا. والآية تحتمل أن لكل مؤمن أو مؤمنة جنات ومساكن، وتحتمل أن لهم ذلك موزعا، بينهم لكل منهم نصيبه، ويكون أيضا لكل واحد جنات ومساكن، بدليل الأحاديث، فالمقصد واحد، ولو اختلف المقصدان، وأجاز بعضهم أن يكون المراد بالجنات ما يشبه المساكن، أو بالمساكن ما يشمل الجنات، فيكون العطف لتغاير وصف الجنان، ووصف المساكن، وأولى خلافه، والتغاير موجود وجودا بينا على خلاف ذلك. وعلى كل فوصف الموعود به أولا لما يميل إليه الطبع أول السماع وهو الجنان، ثم ذكر أنه فى أماكن طيبة العيش، عارية عما يكون فى الدنيا، ويجوز أن يكون طيبة نعمتان لجنات ومساكين جميعا، ثم ذكر أن ذلك فى دار إقامة وثبات لا رحيل فيها ولا زوال، إذ قال { فى جَنَّاتٍ عَدْنٍ } أى إقامة وخلود، ثم ذكر ما هو أكبر من ذلك كله وهو الرضوان، قال أبو الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2