الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

{ ومنْهُم الَّذينَ يُؤذُونَ النَّبى } يضرونه، هذا عام والعطف بعده عطف خاص على عام، ويجوز أن يكون المراد بالإيذاء هو قولهم إنه أذن، فيكون العطف تفسيرا، وهذا على مذهب مجيز عطف التفسير بالواو. { ويقُولُون هُو أذنٌ } بضم الهمزة وإسكان الذال فى قراءة نافع، سموه باسم آلة السمع مبالغة فى سماعه لكل ما يقال له، كأنه بجملته أذن، كما تقول فلان أنف إذا كبرت أنفه، وفلان عين إذا كبرت عينه، أو اشتد نظرها أو كثر. وقد سموا الجاسوس عينا، وذلك مجاز مرسل من باب تسمية الكل باسم الجزء، وهذا أولى من تقدير مضاف، أى ذو أذن، أى ذو أذن سامعة لما يقال له، فيكون مجازا بالحذف ذا مرسلا، ويجوز أن يكون اسما اشتقوه له من أذن يأذن أذناء بفتح الذال بمعنى استمع، وقرأ الباقون بضم الهمزة والذال، وكذا الثانى فيه القراءتان. روى أن جماعة من المنافقين كانوا يؤذون النبى صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه ما تقولون، فقال الجلاس ابن سعيد نقول ما شئنا نأتيه ونكرر فيصدقنا، فإنما محمد أذن سامعة فنزلت الآية، يريد أنه سريع الاغترار. وقيل اجتمع ناس من المنافقين وقيل بلغه ذمهم فضاقوا، فقال بعضهم هو أذن سامعة، سمع المبلغ فإذا اعتذرنا سمع عذرنا، منهم الجلاس بن سويد ذو الصامت، ووديعة بن ثابت، وأرادوا أن يقعوا فى النبى صلى الله عليه وسلم وعندهم غلام من الأنصار يدعى عامر بن قيس، فحقروه وتكلموا فقالوا لئن كان ما يقول محمد حقا فنحن شر من الحمير، فغضب الغلام وقال والله إن ما يقول محمد حق، وإنكم شر من الحمير، ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره فدعاهم، فسألهم فحلفوا أن عامرا كاذب، وحلف عامر أنهم كذبة، وقال اللهم لا تفرق بيننا حتى تبين صدق الصادق وكذب الكاذب، فنزلت الآية وقولهيحلفون بالله لكم ليرضوكم } قال بعض إن الجلاس تاب بعده. وقيل " نزل ذلك فى نبتل بن الحارث، وكان أحمر العينين، منتف الشعر، مشوه الخلقة، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " من أراد أن ينظر إلى الشيطان فلينظر إليه " كان يتم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له لا تفعل، فقال إنما محمد أذن سامعة ناتئة، فنحلف له فيصدقنا، فنزل ذلك، وعن ابن عباس وجماعة أن المعنى وصفهم إياه بالباطل، لأنه يقبل فيهم ما سمع حاشاه عن الباطل. { قُلْ أذُنُ خَيرٍ لكُم } أى أنا أذن خير لكم، ويجوز أن يقدر هو أذن خير لكم إخبارا عن نفسه بطريقة الغيبة تبعا لكلامهم، فعلى الأول يكون ما بعد ذلك من كلام الله مستأنفا أو مفسرا، وعن الثانى يكون كذلك، أو من جملة كلام رسوله صلى الله عليه وسلم المأمون بأن يقوله، وعلى كونه من جملة كلامه يكون خبرا آخر أو نعت أذن باعتبار أنه بمعنى سامع.

السابقالتالي
2