الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

{ إنَّما الصَّدقاتُ } إلخ وفى ذلك حسم لأطماع المنافقين عنها، وإشعار بأنه لا كلام لهم فيها، وأنها ليست مما يهاود فيها، بل تولى الله قسمها، وهذه الآية تقوى أن المراد فى الصدقات فى قولهومنهم من يلمزك فى الصدقات } الزكوات، وقد حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الثمانية أخذا من الحصر فى الآية بإنما، " قال زياد بن الحارث أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته، فأتاه رجل فقال أعطنى من الصدقة، فقال " إن الله تعالى لم يرض بحكم نبى ولا غيره فى الصدقات حتى حكم فيها " فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك " " وليس المراد بالحصر إيجاب قسمها عليهم جميعا عندى، بل بيان أنها لا تخرج عنهم، فلو قسمها الإمام أو غيره بأمره، أو إذا لم يكن على بعضهم، أو صرفها فى واحد، أو أعطاها شخصا واحدا لجاز وبه قال مالك، وأبو حنيفة، وأحمد وغيرهم، وذلك بالنظر والمصلحة، وبه قال ابن عباس وحذيفة فى رواية عنهما من وغيرهما من الصحابة، وابن جبير، ويقدم الأحوج فالأحوج، ولكن لا بد للعامل من أجرة إلا إن تركها. وقال الشافعى تصرف للأصناف الثمانية كلها، إلا إن لم يوجد منهم صنف، وبه قال عمر، وحذيفة، وابن عباس فى رواية عنهما، وعكرمة، والزهرى ثم قيل يسوى بينهم، ثم قيل وليس كذلك عندى، إذ قد يكون العامل ما تعنى إلا يسيرا، وقد يتعنى كثيرا، ويكون أشد فقرا فيأخذ من الجهتين، وكذا الباقون قد يتفاوتون فى الحاجة. وقال النخعى إذا كثر المال قسم بينهم جميعا، وإلا أعطاه صنفا واحدا، ويقسم سهم الصنف بين ثلاثة منه فأكثر، وأجيز لشخص واحد، وإنما يعطى الإنسان بقدر ما يدفع عن نفسه الحاجة كالدَّيْن، وما كوتب به، وما يشترى به ما لا بد له منه كمسكن، ولا بأس بالزيادة على ذلك ما لم يبلغ فيها النصاب، هذا ما عندى. وقال أحمد لا يعطى أكثر من الخمسين درهما، على أن الغنى من له خمسون درهما، وأبو حنيفة لا تتم له مائتا درهم، لأن من له المائتان غنى، وإذا تمتا جاز، وقال الحسن لا يعطى أكثر من أربعين، على أن ملكها غنى، وإن عدم المحترف القوى آلة الحرفة أعطى قدر ما يحصلها. ويفضل فى الزكاة العالم المشتغل بأمر المسلمين، ويعطى نفقته وكسوته ومؤنة عياله، ومن أعطاها إنسانا وتبين أنه غنى ردها منه، وإن تعمد فلا يحكم له بالرد ويعيدها، وقيل إذا لم يتعمد وتبين غناه بفور ذلك أخذها منه، وإلا فإن غره ضمنها، وإن عقد جوازها له أو لم يتحقق مقصد المعطى، فإن انتفع بها ضمن وإن تلفت ولم ينتفع بها لم يضمن، وفى جزائها عن المعطى قولان وبالإجزاء يقول الحسن.

السابقالتالي
2 3 4 5 6