الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ }

{ فإذا انْسَلخ الأشْهر الحُرُم } انقضت، وأصل الانسلاخ خروج الشىء مما يلبسه، والأشهر الحرم أربعة الأشهر التى جعل للمشركين أن يسيحوا فيها، وقد مر الخلف فيها، سميت حرما لتحريم القتال فيها فى ذلك العام، وقيل لتحريم نبذ العهد فيها فى ذلك العام، وقيل رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ووجهه أن المدة أخذت من هذه الأربعة، وكان تمامها تمام هذه الأربعة، فصح تأجيلها بانسلاخ الأربعة، فليس هذا القول مخلا بالنظم. غير أن تسمية رجب وذى القعدة وذى الحجة والمحرم أشهرا حرما، والتأجيل بانسلاخها يقتضيان بقاءها كما كانت قبل، على تحريم القتال فيها، مع أن العلماء أجمعوا على أن القتال فيها حلال، ولم ينزل ناسخ لها فيما قال القاض، فلا تحمل الأشهر الحرم على هذه الأربعة لئلا يخالف الإجماع، وحملها جار الله عليها، وقال إن العلماء أجمعوا على حل القتال فيها لنزول ناسخها. { فاقْتلُوا المشْركينَ حَيثُ وجدْتُموهُم } فى الحل والحرم، قيل وعند البيت، وهذه الآية ناسخة لكل آية أمر فيها بالكف أو بالمهادنة، وذلك مائة وأربع عشرة آية، وقيل مائة وأربع وعشرون، زعم بعضهم أن ذلك عجيب، نسخت هذه الآية ذلك العدد من الآى، ثم نسخت بقوله { وإن أحد من المشركين }. قلت بل قوله { وإن أحد } الآية، قيل فيها لا ناسخ لها، والمراد بالمشركين من لا عهد له، أو له عهد على تمام الأربعة، أو له عهد أقل منها، أو له عهد أكثر ونقضه، وقيل كل مشرك، وزعم عطاء والسدى والضحاك، أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالىفإمَّا منًّا بعدُ وإمَّا فداء } وقالوا لا يجوز قتل الأسير، بل يمنّ عليه بالإطلاق، أو يفادى، وزعم قتادة ومجاهد أنها ناسخة لقوله تعالىفإمَّا مناً بعدُ وإما فداء } وقال لا يجوز فى الأسير إلا القتل، وقال ابن زيد الأندلسى إن الآيتين محكمتان، لأن هذه فى حال القتال، وليس فيها ذكر للأسر، وتلك فى الأسر، والأسر غير القتال وهو الصحيح. { وخُذُوهُم } وأسروهم، والأخيذ الأسير { واحْصُروهُم } احبسوهم لتتمكنوا منهم، وعن ابن عباس أحضروهم أن تحصنوا، وعنه حصرهم أن يحال بينهم وبين المسجد الحرام، وقيل امنعوهم من دخول مكة، والتصرف فى بلاد الإسلام. { واقْعُدُوا لَهم كُلَّ مَرْصدٍ } كل موضع يصلح أن يرصد فيه العدو، أى يرتقب فيه بأن يكون بئرا له لئلا ينبسطوا فى البلاد، وقيل المراد طريق مكة، ولئلا يدخلوها، ونصب كل على الظرفية المكانية، لأنه ينصب على الظرفية إذا أضيف إلى ما يدل على زمان، أو مكان ولو لم يصلح هذا المضاف إليه للنصب على الظرفية كمرصد هنا، فإنه لا يصلح لها لأنه ولو كان اسم مكان، لكنه لم يتسلط عليه، ما هو فى لفظه ومعناه، وقيل منصوب على نزع الخافض، أى فى كل مرصد أو على كل مرصد.

السابقالتالي
2 3