الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ }

{ ومنهمْ مَن يقُولُ ائْذنْ لى } فى القعود عن الغزوة هذه الياء هى فاء الكلمة، وهى الهمزة فى أذن أبدلت ياء لسكونها بعد كسرة همزة الوصل، وإذا وصل الكلام بالياء ولم يوقف عليه سكنت حيا ولو لم نضبط بالإسكان فى مصاحف المغاربة، فإنهم تركوها على حالها بحين الابتداء لهمزة الوصل، وفى مصاحف المشارقة همزة ساكنة بعد همزة الوصل بزوال القلب بزوال كسرة همزة الوصل بالوصل. { ولا تَفْتنِّى } بعدم الإذن، فإنى تخلفت عنك بغير إذنك، وقعت فى الفتنة وهى الإثم بمخالفتك، وهذا منه، لعنه الله، إشعار بأنه متخلف ولو لم يأذن له، كأنه قال لا تصعب على حتى أحتاج إلى مواقعة معصيتك، وهذا تأويل حسن واقف مع اللفظ. وقيل لا تفتنى بنساء الروم، وبه تظاهرت الروايات، عن الجد ابن قيس، لعنه الله، أنه قائل ذلك، وشذ من قال إنه عبد الله بن أبىّ، " وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرض الناس على غزو الروم، وقال للجد بن قيس " هل لك العام فى جلاد بنى الأصفر؟ " فقال له وللناس " اغزوا تغنموا الأصفر " فقال له الجد بن قيس إيذن لى فى التخلف ولا تفتنى بذكر بنات الأصفر، فقد علم قومى أنى لا أتمالك عن النساء إذا رأيتهن " وقيل " قال له " هل لك فى جلاد بنى الأصفر - يعنى الروم تتخذ منهم سرارى ووصائف؟ " فقال لقد عرف قومى " ، وروى " قد عرفت الأنصار أنى مولع بالنساء، ولا أصبر عن بنات الأصفر إن رأيتهن، فلا تفتنى بهن ". قال ابن عباس قال لكنى أعينك بمالى فاتركنى، قال العباس لم تكن له علة إلا النفاق، وأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد أذنت لك، وقيل الفتنة ضياع ماله وعياله، يزعم أنه كافل لهم بعده إن خرج، والأصفر هو الروم بن عيص بن إسحاق، كان أصفر اللون، وذكر النقاش، والمهدوى أن الأصفر حبشى ووقع ببلاد الروم، فتزوج وأنسل بنات لهن جمال، وهذا ضعيف، وقرأ عيسى بن عمرو بضم التاء الأولى وهى لغة تميم يقولون أفتنه بفتنة. { ألاَ فى الفِتْنةِ سَقَطُوا } أى انتبهوا أيها الناس، وحققوا أنهم وقعوا وقوعا متمكنا فى الفتنة الكاملة بتخلفهم، وظهور إنفاقهم، وفساد ما بينكم وبينهم، وفى مصحف أبى سقط بفتح الطاء وإسقاط الواو إرجاعا للضمير إلى القائل، وقال جار الله مراعاة للفظ من، وأن المعنى على الجماعة وإنما يصح هذا لو كان القائل متعددا بخلاف قراءة الواو فإنها إخبار عن المتخلفين بلا عذر جميعا، اللهم إلا إن قال قائل إن ذلك كالجماعة إذ كان رئيسا يتبعه قومه فى التخلف. { وإنَّ جَهنَّم لمحيطَةٌ } يوم القيامة أو من الآن فإنهم فى أسبابها، فكأنهم فيها { بالكَافِرِينَ } المنافقين والمشركين لا يشذ عنها واحد.