الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ }

{ لَوْ خَرجُوا فِيكُم } فى جملتكم أو معكم حال من الواو { ما زادُوكُم إلاَّ خَبالاً } أى فسادا وشراكا إيقاع الجبن، وتهويل الأمر، وأصل الخبال مرض يؤثر فى العقل كالجنون، والاستثناء متصل، أى ما زادوكم شيئا إلا الخبال، والخبال من جنس الشىء لا منفصل، لأن الاستثناء المنفصل لا يكون مفرغا كذا حفظنا فى كتب النحو وهو الصحيح، ثم رأيت القاضى ذكره أخذا من كلام جار الله. وقال بعض إنه منفصل أى ما زادكم خيرا أو قوة ولا شدة، لكن خبالا، وذكر بعضهم أن فى تلك الغزوة منافقين كثيرين، ولهم خبال، ولو خرج الباقون ازدادوا خبالا، والاستثناء أيضا متصل، لأن الشىء المقدر على أنه لا منافق فيهم فى تلك الغزوة كالمقدر، على أن فيهم منافقين عام اللغط، وقرأ ابن أبى عبلة ما زادكم بإسقاط الواو وفتح الدال، أى ما زادكم خروجهم. { ولأوْضَعُوا } أسرعوا ركائبهم بالنميمة والهزيمة، والأحاديث الكاذبة، وحذف المفعول لأن الغرض الإخبار بإيقاع نحو النميمة بسرعة، لا كونها بركائب، واللام هى الواقعة فى جواب لو، وإنما وقعت هنا لأنه معطوف على جوابها، ولم يقرن جوابها لأن الأفصح أن لا يقرن بها إذا تصدر بما النافية، ويوجد فى المصاحف لا أوضعوا بزيادة ألف مع اللام قبل الهمزة، ووجهها أن الفتحة كانت قبل الخط العربى تكتب ألفا، والخط العربى اخترع قريبا من نزول القرآن، وقد بقى من ذلك الألف أثر فى الطباع، فكتبوا صورة الهمزة ألفا وفتحها ألفا أخرى ونحوه أو لأذبحنه. قال جار الله قلت لا نسلم أنه مخترع قريبا من نزول القرآن قبل ذلك، لخشونة هجاء الأولين، قال الزجاج إنما وقعوا فى ذلك، لأن الفتحة بالعبرانية، وكثير أمر الألسن تكتب ألفا، ويمكن أن يمطل حركة اللام فتحدث ألف. قال أبو بكر بن عبد الغنى المشتهر باللبيب فى شرح عقيدة الشاطبية، قال أبو داود رسموا " لا إلى الله تحشرون " فى آل عمران، " ولا إلى الجحيم فى الصافات " " ولا أوضعوا " فى التوبة، " ولا أذبحنه " فى النمل بالألف إلا عطاء بن يسار فإنه لم يكتب الألف فى التوبة، فعلى قول أصحاب المصاحف أن المزيد هو المنفصل عن اللام، والهمزة هى المتصلة باللام، فقيل هى صورة لفتحة الهمزة من حيث إن الفتحة مأخوذة منها وإن الإعراب قد يكون بهما، وقيل إنها نفس الحركة لا صورة لها، ولم تكن العرب تشكل ولا تنقط، وكانوا يصورون الفتحة ألفا، والكسرة ياء، والضمة واوا إذا أرادوا البيان، ويفرقون بزيادة حروف كواو عمرو جرا ورفعا، فارقة بينه وبين عمرو، واو أولى الفارقة بينه وبين ألى، وياء أيدى الفارقة بين القوة وأيدى الأبدان، والألف فى مائة فرقا بينها وبين مئة، وبقيت أشياء لم تغير عن تلك القاعدة.

السابقالتالي
2