الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ }

{ ولَوْ أرادُوا الخُروجَ } معك إلى الغزو، ويكتب { ولو أرادوا } إلى { القاعدين } بالآبق والهارب والسارق فى قضارة ثوب كتان مقصورة أول الشهر، واسمه مع أمه حول ذلك، ويضرب فى وفق القوارة بمسمار حديد، حيث لا يرى، ويغطيها بتراب، يرجع. { لأعدُّوا } هيئوا { لَه } للخروج { عُدّةً } أهبة من آلات السفر والقتال، وقرىء بكسر العين كسدرة، وقرأ محمد بن عبد الملك بن مروان وابنه معاوية عده، بضم العين وبهاء الإضمار دون تاء التأنيث، والهاء ضمير الخروج، فقال الفراء، الأصل عدته، حذفت التاء إذ أضيف، كما يجوز حذف تاء الفعلة بكسر فإسكان من واوى الفاء الذى من باب وعد، وتاء الأفعال والاستفعال بالكسر من معد العين كالإقامة والاستعاذة عند الإضافة، وضعفه أبو الفتح بأنه إنما حذف تاء التأنيث، وعوضها هاء الضمير. قلت هذا مراد الفراء وكلامه قابل له، فكيف يرد به عليه، وقال أبو حاتم جمع عدة كغُرفة وغُرف وبرة وبُر ودرة ودر، وقرأ عاصم فيما روى عنه إبان وزرَّر حبيش بكسر العين وهاء إضمار وهو أمام جمع عدة بالكسر ككلمة وكلم، بكسر الكاف وإسكان اللام فيهما، إما مفرد حذفت تاؤه، وإما بمعنى ما يعد كالذبح بكسر الذال بمعنى ما يذبح. { ولكن كَرِه اللهُ انْبِعاثَهم } خروجهم إلى الغزو، لأنهم يكونون عيونا على المؤمنين وينمُّون بينهم، والاستدراك راجع إلى النفى الذى دلت عليه لو الامتناعية، فإن الامتناع نفى كأنه قيل ما أرادوا الخروج، ونفى إرادة الخروج نفى للخروج، فكأنه قيل ما خرجوا، ولكن منعهم عن الخروج كما قال. { فثبَّطَهم } أى حبسهم بالجبن والكسل، فإن كراهة الله خروجهم تستلزم منعهم عنه إذ لا يغلب تعالى على ما يكره، وقال الصفاقصى أصل لكن أن تقع بين نقيضين أو ضدين أو خلافين على خلاف فيه { وقِيلَ } أى قال الله عز وجل { اقْعُدوا } عن الخروج مع { القَاعدينَ } النساء والصبيان والزَّمْنى ونحوهم من المعذورين، ولا يخفى ما فى إلحاقهم بهؤلاء من الذم، وإن أريد بالقاعدين من قعد سواهم وليس معذورا أيضا ففيه ذم أيضا وتهديد، كأنه قيل اقعدوا مع هؤلاء البطالين الذين لا يعرفون مصالحهم، ولا منفعة فيهم أولى لهم فأولى. ومعنى قول الله سبحانه { اقعدوا } إلقاؤه محبة القعود فى قلوبهم إلقاء مترتبا على أعمالهم واعتقادهم، لا جبرا أو قضاءه عليهم فى الأزل بالقعود، وقيل القائل لهم إبليس والعياذ بالله منه، والقول وسوسته، وقيل قال بعضهم لبعض اقعدوا، وقيل المراد إذن رسول الله لهم بالقعود، قال بعضهم أذن لهم غضبا فاغتنموه منه، والعطف على ثبَّط المسبب عن الكراهة، فالمعطوف أيضا مسبب كأنه قيل لكراهته أو قضائه ألقى محبة القعود فيهم، أو أخذ لهم فأثرت فيهم وسوسة إبليس، أو أثر قول بعضهم لبعض، أو يسر قول الرسول لهم اقعدوا، ويجوز أيضا كون الواو للحال إذا فسر القول بالقضاء.