الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ }

{ وقَالتِ اليَهودُ } كان هذا القول فاشيا فى اليهود جميعا ثم انقطع، فأخبر الله سبحانه عنهم، وأظهره ولا عبرة بإنكار اليهود ذلك، وقيل لم ينكروا ذلك لاشتهاره، ولولا أن اشتهاره فيهم لأنكروا لتالكهم على التكذيب، وقيل قاله بعض متقدميهم، وقيل قاله ناس من يهود المدينة، عن ابن عباس، قالها أربعة من أحبارهم سلام بن مشكم، ونعمان بن أوفى، وشاس بن قيس، ومالك بن الصيف، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا، وأنت لا تزعم أن عزير بن الله؟ فنزلت الآية. وقيل إنه لم يقله إلا فنحاص بن العيزار، ونسب القول إليهم، لأن من قاله بعضهم، ولأنه فيهم، ولأنه عظيم فيهم، وبهذا علل عياض، والعرب تقول فلان يجالس الملوك، ولو لم يجالس إلا ملكا واحدا، ويركب الخيل ولو لم يركب إلا فرسا واحدا. { عُزير ابنُ اللهِ } مبتدأ وخبر، ولهذا تكتب ألف ابن لأنها تسقط إذا كان تابعا لعلم مضافا لعلم، لا إذا كان خبرا أو غيره، ولم ينون عزير لأنه علم عجمى كعازر وعيزار، فمنع الصرف، لا لوجود ابن بعده، لأنه يمنع تنوين العلم لوجود ابن بعده، إذا كان ابن تابعا له، أو لم ينون لالتقاء الساكنين بأن شبه التنوين بحرف اللين، فحذف للساكن بعده، وإلا فحق التنوين ثبوته مكسورا مثلا للساكن بعده. ومثله قراءة بعض أحدُ الله بحذف التنوين، وهذا الوجه ضعيف لقلة ذلك، ومثله فى الشعر ولا ذاكر الله قليلا، بنصب اسم الجلالة، وعدم تنوين ذاكر، ومنه قراءة بعض " ولا الليل سابق النهار " بنصب النهار، وعدم تنوين سابق، وزعم بعض أنه لم ينون، لأن ابن تابع له نعتا أو بيانا أو بدلا، وهو خبر لمحذوف، أى الإله فينا عزير ابن الله، أو مبتدأ محذوف الخبر، أى عزير ابن الله إله، وثبتت ألف ابن مع أنه تابع فى خط المصحف شذوذا. ويرده أن المشنع عليهم هو قولهم إن عزير هو ابن الله وهذا يقيده كون عزير مبتدأ، وابن خبره، لا كون عزير مبتدأ محذوف الخبر، أو خبر محذوف المبتدأ، فإن هذا يفيد أن المشنع عليهم هو قولهم بأنه إله، فإنه ولو كان مشنعا لكن غير مقصود فى الآية، وقد يقال المراد فيها التشنيعان معا، كأنه قيل انظر إلى هؤلاء القائلين هذا الكلام الذى تضمن أمرين قبيحين نسبة الولد إلى الله، ونسبة الألوهية لغيره، ولكن ذلك ضعيف، لأنه بظاهره يوهم تسليم البنوة لله، وإنكار مجرد كون عزير إلها، وأيضا قراءة عاصم، والكسائى ويعقوب تنوين عزير على أنه عربى تدل على ما قلنا من ان عزيرا مبتدأ وابن خبره، ويحرك تنوينه بالكسر، ولا يحرك بالضم فى مذهب الكسائى تبعا للنون، لأن ضمة النون للإعراب غير لازمة.

السابقالتالي
2 3 4