الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }

{ وأذانٌ مِنَ اللهِ ورسُولِهِ } أى إعلام منهما، وهو اسم مصدر آذن كآمن أمانا، وأعطى عطاء، والمصدر أذان وإيمان وإعطاء، ومن ذلك الأذان للصلاة، فإنه إعلام بوقتها، والجار والمجرور نعت لأذان، الأصل أذان ثابت من الله ورسوله، أو النعت كون خاص، أى منهما. { إلى النَّاسِ } كلهم، وإعراب ذلك كإعراببراءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين } ولا وجه لقول بعضهم إنه معطوف على براءة، إلا إن أراد عطفه وما بعده على براءة وما بعده، وهذه الجملة إخبار بوجوب الإعلام بما يثبت، وتلك أخبار بثبوت البراءة، والبراءة مختصة بالمعاهدين، معلقة بهم، والأذان عام فعلق بالناس. { يَومَ الحجِّ الأكْبرِ } متعلق بأذان، ولو وصف لبقاء رائحة الفعل فيه، وهى عاملة فى الظروف، وقيل لا يجوز عمل المصدر واسمه إذا وصفا لزوال قوة الفعل، وأجيز تعليقه بأذن أو أخزى محذوفا، وقيل متعلق لمخزى وهو بعيد، ووجه تعليقه بأذان، أو بأذن مع أن الآيات نزلت قبل ذلك أن إعلام الناس بها كان يوم الحج الأكبر وهو يوم عيد الأضحى عند عبد الله بن أبى أوفى، والمغيرة بن شعبة، والشعبى، والنخعى، وابن جبير، والسدى، " قال علىّ " سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر قال " يوم النحر ". وعن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف يوم النحر بين الجمرات فى الحجة التى حج فيها فقال " أى يوم هذا؟ " فقال يوم النحر، فقال " هذا يوم الحج الأكبر " " وبذلك قال أبو هريرة، وقال على فى رواية، وابن عباس، وعكرمة، وعمرو، وابن عمر، وابن الزبير، وعطاء، وطاووس، ومجاهد، وابن المسيب يوم عرفة وأن فيه وقوع أول الأذان، والصحيح الأول لما روى، وقد مر، وفى الأضحى كمل الأذان، واحتج بعض على أنه عيد الأضحى بأن من فاته الوقوف يوم عرفة يجزيه الوقوف ليلة النحر، وهو احتجاج باطل. وعن منذر بن سعيد كان الناس يوم عرفة مفترقين إذا كانت قريش تقف بالمزدلفة، وكان الجميع يوم النحر وهو يوم الأضحى بمعنى، فيوم الحج الأصغر يوم عرفة لافتراقهم، ويوم الحج الأكبر يوم النحر لاجتماعهم، ولكن قريشا ومن تبعها وقفوا بالمزدلفة فى حجة أبى بكر هذه. وقال مجاهد، وسفيان الثورى يوم الحج الأكبر أيام منى، فاليوم بمعنى الزمان، كما يقال يوم صفين، ويوم الجمل، مع بقاء القتال أياما، ورجحه بعضهم بما مر أذان على يوم عرفة ويوم النحر وبعده، ونسب لسفيان بن عيينة. وقال عبد الله بن الحارث بن نوفل، وابن سيرين، والحسن البصرى هو يوم حجة الوداع فقط، فلم يكن قبل، ولن يكن بعد، لأنه اجتمع فيه حج المسلمين، وعيد اليهود، وعيد النصارى، وعيد المشركين أخزاهم الله، ولم يجتمع ذلك قبل، ولا يجتمع بعد، وضعف بأنه لا يصفه الله لهذا بأنه أكبر، وأجيب بأن المراد بوصفه بذلك أنه كثر معظموه، واتفق الناس على تعظيمه مسلمهم وكافرهم، والصحيح كما مر أنه عيد النحر مطلقا، ووصف بذلك لأن فيه تمام الحج، ومعظم أفعاله، ولأن الإعلام كان فيه.

السابقالتالي
2 3