الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

{ قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمنُون بالله ولا باليَومِ الآخِرِ } هم أهل الكتاب كما بينه الله بعد، وهذا من الدلائل القوية على أنهم مشركون، حيث وصفهم بأنهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، فإنهم ولو أقروا بهما لكن لا كما ينبغى، فإن اليهود قالوا عزير ابن الله، والنصارى قالوا إن الله ثالث ثلاثة، فذلك مبطل لإيمانهم بالله، فإن لفظ الجلالة يتضمن الانفراد بالذات، والفعل، والصفة، وهم عدَّدوه وشبَّهوه، إذ جعلوه والدا فذلك انكار له، وإنما صفة الإيمان به، أن يؤمن به منفردا بذلك، وقد قالوا بأنه جسم، وقالت اليهود خصوصا إنه أعياه خلق السماوات والأرض فاستراح، والعياء صفة مخلوق، فقد أخرجوه بهذه الصفة عن الألوهية، ومن لم يؤمن بالله لم يصح منه الإيمان باليوم الآخر، فإن الباعث هو الله، فإذا ألحدوا فيه فكأنهم نسبوا البعث إلى غيره. ولهم فى البعث أداء كثير كشراء منازل الجنة من الرهبان، وقالت اليهود يكونون فى النار أياما معدودة، فإن البعث على الحقيقة أبعث المكلفين للخلود فى الجنة والنار، وزعم قوم منهم، أن نعيم الجنة منقطع، وقوم أن نعيمها ليس من جنس نعيم الدنيا، وزعم قوم منهم إنما تبعث الأرواح دون الأجساد، وإن أهل الجنة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون، فليس إيمانهم باليوم الآخر حقا كإيمان الموحدين. وكذلك اختلفت النصارى، وأيضا هم كافرون برسالة بعض الرسل، بل أكثر الرسل كنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولبعض الكتب كالقرآن وذلك معارض للإيمان بالله ومناف له، فأهل الكتاب، وكل من أنكر حرفا أو رسولا مشرك عندنا، وقال جمهور المخالفين ليسوا بمشركين فيما قال بعضهم، وكذا قال عيسى بن عمير، وأحمد بن الحسين إن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، لكن منافقون مع استحلالهما منهم ما حل من المشركين، وتحريم ما حرم منهم. وذكر الثعالبى أن فائدة الخلاف تبين فى فقه منافعهم وذبائحهم وغير ذلك، قال مجاهد وعند نزول الآية أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة الروم، ومشى نحو تبوك، ذكر الثعالبى، وقال الكلبى نزلت فى قريظة والنضير، فصالحهم فكانت أول جزية أصابها المسلمون، وأول ذل أصاب أهل الكتاب بأيدى المسلمين. { ولاَ يُحرِّمونَ ما حرَّم اللهُ ورسُولُه } محمد صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة، كالخمر والخنزير، وقال أبو روق المراد ما حرم الله فى كتابهم كالتوراة والإنجيل، ورسول الله الذى زعموا أنهم يتبعونه كموسى وعيسى عليهما السلام، فهم لم يتبعوا دينهم المنسوخ، ولا ديننا الناسخ له، لا فى الاعتقاد ولا فى العمل. { ولا يَدِينُون دِينَ الحقِّ } دين الصواب الثابت، وهو دين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإضافته للحق إشارة إلى أنه ناسخ لا ينزل ما ينسخه، إذ كان الحق بمعنى الصواب الثابت، وقيل الحق الله، أى دين الله، وهو هذا الدين، وقيل دين أهل الحق وهم المسلمون، ودين مفعول مطلق أو مفعول به، أى لا يعتقدون دين الحق.

السابقالتالي
2 3 4 5