الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ }

{ ثمَّ أنزَلَ اللهُ سَكينَتهُ } طمأنينته، هى خلق له تعالى، أنزلها رحمة { عَلَى رسُولِه } وكان قبلها قد خاف على المسلمين الغلبة، فزال خوفه بالسكينة { وعَلَى المؤمِنينَ } وكانوا قبلها منهزمين، ورجعوا بها، واطمأنوا، وأعاد على تنبيها على اختلاف حالة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحالة المؤمنين، وقيل المراد بالمؤمنين الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما انهزم الناس. " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس، وكان صيتا " ناد أصحاب السمرة " يعنى الشجرة وهى شجرة بيعة الرضوان، بايعوه تحتها أن لا يفروا، فنادى بأعلى صوته يا أصحاب السمرة، قال العباس فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولادها، يقولون يا لبيك يا لبيك، وقال له أيضا " ناد الأنصار خصوصا " فناداهم، ثم قال " ناد بنى الحارث من الخزرج خصوصا " فعطفوا كما مر عطفة البقرة على أولادها " ، وفى رواية " كأنها الإبل إذا حنت على أولادها، حتى إن الرجل منهم إن لم يطاوعه بعيره على الرجوع انحدر عنه ورجع بنفسه، وأول من وصل إليه عصابة من الأنصار فقال " أما معكم غيركم؟ " فقالوا والله يا نبى الله لو عمدت بنا إلى كذا لكنا معك ". وروى أن العباس كان ينادى تارة يا أصحاب الشجرة، وتارة يا أصحاب سورة البقرة، يعنى من أنزلت عليهم سورة البقرة أو المؤمنين فى قولهوالمؤمنون كل آمن بالله } الخ قولان، " وأمرهم صلى الله عليه وسلم أن يصدقوا الحملة، فاقتتلوا مع الكفار، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوق بغلته كالمتطاول إلى القتال فقال " الآن حمى الوطيس " وهو التنور يخبز فيه، يضرب مثلا لشدة الحرب التى يشبه حرها حره، وهذا من فصيح الكلام الذى لم يسمع من أحد قبل النبى صلى الله عليه وسلم، وتناول حصيات من الأرض ثم قال " شاهت الوجوه " أى قبحت، ورمى بها فى وجوه المشركين، ثم قال " انهزموا ورب محمد " " وفى رواية " انهزموا ورب الكعبة، انهزموا ورب الكعبة " وزاد فى رواية " حتى هزمهم الله ". قال العباس نظرت فإذا القتال على حاله فيما أرى، ثم ظهر انهزام المشركين، وروى أنه أخذ قبضة من تراب من الأرض، قيل إما أنه رمى بالحصى مرة، وبالتراب أخرى، وإما أن يكون قد أخذ قبضة مخلوطة من حصى وتراب. " وروى أنه لما ولى المسلمون قال " أنا عبد الله ورسوله، أنا عبد الله ورسوله " ثم اقتحم عن فرسه فأخذ كفا من تراب، قال أبو عبد الرحمن الفهرى أخبرنى من كان أدنى إليه منى أنه ضرب وجوههم وقال " شاهت الوجوه " فهزمهم الله تعالى "

السابقالتالي
2 3 4 5 6