الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ }

{ لَقَد نَصَركُم } خطاب للمؤمنين { اللهُ فى مَواطنَ } أماكن وهى مواقع الحرب { كَثيرةٍ } كبدر وقريظة والنضير وخيبر، وفتح مكة، وكانت غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة فيما قال زيد بن أرقم، قيل قاتل فى ثمانٍ منهنَّ، ومجموع غزواته وسراياه وبعوثه سبعون، وقيل ثمانون، وقيل ثمانٍ وثمانون، قال بعضهم يوصف بالنصر فى جميعها، وأنها المراد بالمواطن، وخرج فى سبع وعشرين بنفسه. والثمانى التى قاتل فيها هن بدر، وأحُد، والمريسيع، والخندق، وقريظة، وخيبر، وحنين، والطائف، وزاد بعضهم بنى النضير، وبعض فتح مكة، على أنها فتحت عنوة، قال بعضهم بعث فى سبع وأربعين، وخرج فى سبع وعشرين، تلك العشرة المذكورة، وغزوة الأبواء، وغزوة بواط، وبطن ينبع، وبدر الأولى، وبنى سليم، والسويق، وغطفان، ونجران، وحمراء الأسد، وذات الرقاع، وبدر الثالثة، ودومة الجدل، وبنى لحيان، وذى فرد، والحديبية، ولا يريد قتالا، وعمرة القضاء وتبوك. { ويَومَ } ظرف لمحذوف أى ونصركم يوم حُنين، لا معطوف على محل قوله { فى مواطن } لأن الزمان لا يعطف على المكان ولا العكس، ولأنه قد أبدل إذ من قوله { إذ أعجبتكم كثرتكم } من يوم، فلو عطف يوم على محل قوله { فى مواطن } لزم أن يكونوا قد أعجبتهم كثرتهم فى تلك المواطن الكثيرة، ولم يقع الإعجاب بالكثرة فى غير حنين، ولم تكن الكثرة فى غيره، وإن نصبنا إذ باذكر لم يلزم ذلك، وبقى عطف الزمان على المكان، قاله جار الله. قلت بحث بعض المتأخرين بأنه لا مانع من عطف الزمان على المكان والعكس، كما تعطف إحدى القصتين المتباينتين على الأخرى، وما ذكره من لزوم إعجاب الكثرة فى المواطن الكثيرة، من عطف يوم على { فى مواطن } مع إبدال إذ من يوم غفلة منه، لأنه لا مانع من تقييد بعض المعطوفات بما لم يقيد به غيره، وعلى منع عطف الزمان على المكان والعكس، يتوصل إلى العطف بجعل مواطن اسم زمان، أى أزمنة استوطنوا فيها مواضع للحرب، والاستيطان هنا مجرد المكث، وبتقدير فى أيام مواطن، أو بتقدير وموطن يوم. { حُنَينٍ } واد بين مكة والطائف، قريب من ذى المجاز، بينه وبين مكة بضعة عشرة ميلا، قال بعضهم هو ماء بينه وبين مكة ثلاث ليال قرب الطائف، وهو بصيغة التصغير، ولو اعتبر معنى التأنيث كالبقعة لمنع الصرف له مع العلمية. { إذْ أعْجبتْكُم كَثْرتكُم } وكانوا اثنى عشر ألفا، عشرة آلاف حضروا فتح مكة، وألفان انضموا إليهم من الطلقاء ممن أسلم من أهل مكة، والطلقاء الذين أطلقهم يوم فتح مكة ولم يسترقهم، والواحد طليق بمعنى مطلوق. وقال الكلبى كانوا قريبا من عشرة آلاف، وقيل عنه كانوا عشرة آلاف، وقال عطاء ستة عشر ألفا وهو ضعيف، وظاهر كلام النحاس أنهم أربعة عشر ألفا، قال بعضهم وهو غلط.

السابقالتالي
2 3