الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَٰجِدَ ٱللهِ شَٰهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَٰلُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَٰلِدُونَ }

{ مَا كانَ للمشْركينَ أن يعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللهِ } أى ما جاز لهم وما استقام أن يعمروا المساجد التى بنيت لطاعة الله وتوحيده، وكم مسجد عمروه قديما وحديثا تغلبا على أهله وظلما، والمراد بعمارتها دخولها والقعود فيها، والتعبد فيها، ويمنع المشرك من دخول المسجد، فإن دخله بغير إذن الموحد عزر، وقيل إن دخله واستقبل القبلة أمسك حتى يسلم وهو ضعيف، لأنه إكراه على الدين. ويجوز للإمام ومن قام مقامه فى الإسلام، أن يدخل المشرك مسجدا غير المسجد الحرام لأمر مهم، والأولى صونه عن المشرك، وقد شد صلى الله عليه وسلم تمامة بن أتال وهو كافر إلى سارية فى المسجد، وقيل المراد بعمارتها بناؤها والبناء فيها، فلو أوصى ببناء مسجد أو بالبناء فيه لم تقبل وصيته، وزعم بعضهم أن المراد بالمساجد المسجد الحرام، والجمع للتعظيم، أو لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها، فعامره كعامر جميع المساجد، أو لأن كل موضع منه موضع للسجود، قيل، ويدل عليه قراءة ابن كثير، وأبى عمرو، ويعقوب مسجدا لله بالإفراد، وليس كذلك، لجواز أن يقال المراد الجنس، وليست الإضافة مانعة من ذلك. { شَاهِدينَ } حال من الواو أو من المشركين { عَلى أنفُسهِم بالكُفْر } المراد بشهادتهم على أنفسهم به إظهاره، كتصريحهم بتكذيب القرآن، ورسول الله، والسجود للأصنام، وكانوا إذ طافوا طوفة سجدوا للأصنام سجدة إذا بلغوها، وكانوا يقولون لبيك لا شريك لك إلا شريك تملكه وما ملك وغير ذلك، كطوافهم عراة، فإنه علامة الشرك، فكأنه شهادة به، فإن الله سبحانه قد أوجب ستر العورة، وعن ابن عباس شهادتهم به سجودهم للأصنام فى الطواف، وروى الطبرى، عن السدى أنها نسبتهم أنفسهم إلى مللهم، اليهودى يقول إنه يهودى، والنصرانى يقول إنه نصرانى، وهكذا قيل وهو ضعيف. { أولئِكَ حَبِطَت أعْمالُهم } بطلت أعمالهم التى يعتقدون أنهم محسنون بها، فلا يجازون عليها لأنه لا عبادة مع الشرك { وفى النَّار هُم خَالدُونَ } إذا ماتوا على الشرك، فإن الكبيرة مخلدة مطلقا، فكيف بأعظم الكبائر، روى أنه لم أسر رؤساء قريش وغيرهم من قريش يوم بدر، عيَّرهم المهاجرون والأنصار بالشرك، وطفق علىّ يوبخ عمه العباس، وكان من الأسرى، بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقطيعة الرحم، والشرك، وأغلظ له فى القول، فقال العباس ما لكم تذكرون مساوئنا وتكتمون محاسننا، فقال أولكم محاسن؟ قال نعم، ونحن أفضل منكم أجرا، نعمر المسجد الحرام، ونحجب الكعبة، ونسقى الحجيج، ونفك العانى يعنى الأسير، فنزل ما كان للمشركين الآية.