الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُواْ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ }

{ لا تَقُم فيه أبداً } أى لا تُصلِّ فيه، وكان صلى الله عليه وسلم لا يمر به فى الطريق بعد نزول هذا، وكان النهى عن القيام فيه مبالغة مراد بها النهى عن الصلاة فيه، كما قاللا تقربوا الزنى } على ما قيل، والمعنى عند النهى عن مقدمات الزنى ودواعيه، وكذا هذه الآية تحتمل النهى عن دخوله مطلقا، إذ كان تعظيما له، فيكون ذكر القيام فيه، وأراد مطلق الكون فيه، وكل مسجد بنى ضرارا أو رياء وسمعة، أو لغير الله مطلقا فحكمه حكم مسجد الضرار. ولما فتح الله الأمصار على عمر رضى الله عنه، أمر المسلمين أن يبنوا المساجد، وأن لا يتخذوا فى مدينة مسجدين يضار أحدهما صاحبه، قال النقاش لا يصلى فى كنيسة لأنها بنيت على شر. { لمسْجدٌ } اللام للابتداء، وقيل هى اللام الواقعة فى جواب القسم، والقسم محذوف أى والله، ومعنى اللامين تأكيد، وهذا القول عندى ضعيف لا الأصل عدم الحذف ولا دليل عليه. { أسِّسَ } أى وضع أساسه، أى أصله { عَلى التَّقوَى } الطاعة وترك المعاصى، هو مسجد قباء بضم القاف والمد والصرف، لأنه موضع، والمنع لأنه بلدة وبقعة وقرية، وضع أساسه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجر وبلغ قباء، وقد كان موضع صلاة قبل ذلك، وصلى فيه أيام قيامه فى قباء، وهى أربعة عشر كما فى صحيح مسلم، وقيل اثنان وعشرون، وقيل الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، وخرج حين ارتفع النهار من يوم الجمعة، وكان بعد ذلك يزوره فى كل سبت راكبا أو ماشيا ويصلى فيه ركعتين، وقال " إن ركعتين فيه كعمرة ". ويدل على أنه مسجد قباء قوله { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } فانه كما قال أبو هريرة نزلت فى أهل قباء، وكذلك قال ابن عباس، والحسن، وفرقة من الصحابة والتابعين وهو المشهور الصحيح فيما قيل وأوفق للقصة، فإن الموازنة بينه وبين مسجد الضرار أولى، لأنهما جميعا بقاء من الموازنة بين مسجد الضرار ومسجد المدينة، وقيل إن الذى أسسه غير رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن أسس على الإسلام لوقوع الإسلام فى الأنصار قبل الهجرة، ووجده مبنيا، وكان مربطا لحمار امرأة من الأنصار تسمى لبة، فكان المنافقون يقولون والله لا نصبر على الصلاة فى مربط حمار لبة ونحو ذلك. وقال علىّ، وعثمان، وابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبو سعيد المراد مسجد المدينة، قال أبو سعيد " اختلف رجل من بنى خدرة، ورجل من بنى عمرو بن عوف، فقال الخدرى هو مسجد الرسول، وقال الآخر هو مسجد قباء، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه فقال " هو مسجدى هذا وفى الآخر خير كثير " ".

السابقالتالي
2 3