الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ }

{ وممَّنْ } متعلق بمحذوف خبر المبتدأ بعد، ومن للتبعيض { حَوْلكُم } أى حول بلدتكم، وهى المدينة، ظرف متعلق بمحذوف صلة من { مِنَ الأعْراب } متعلق بمحذوف حال من ضمير الاستقرار فى ممن، أو فى حول ومن للبيان { مُنافِقُون } مبتدأ، وهؤلاء الأعراب هم جهينة، ومزينة، وأسلم، وغفار، وأشجع نزلوا حول المدينة، وكان بعضهم منافقين، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لهؤلاء القبائل جار على غالبهم، قيل ومن هؤلاء الأعراب عصية ولحيان نزلوا حولها. { ومِنْ أهْل المدِينَةِ } عطف على ممن، فكأنه قيل وممن حولكم من الأعراب، ومن أهل المدينة منافقون { مَردُوا عَلى النِّفاقِ } عتوا فيه، وأصروا عليه، وبلغوا منه الغاية، أو تدربوا فيه، وتمهروا فى إخفائه، والجملة نعت لمنافقون، فصل بينهما بالمعطوف على الخبر، أو مستأنفة، ويجوز أن تكون نعتا لمبتدأ محذوف، أى قوم مردوا على النفاق، وخبره من أهل المدينة. قال ابن هشام يجوز بكثرة حذف المنعوت إن علم، وكان النعت إما صالحا لمباشرة أو بعض اسم مقدم محفوظ بمن أو فى كقولهم منا ظعن، ومنا أقام، أى منا فريق ظعن، ومنا فريق أقام، وهذا أولى من قول الكوفيين ومن أهل المدينة من مردوا على النفاق، ومنا الذى ظعن، ومنا الذى أقام، لأن اتصال الموصول بصلته أشد من اتصال المنعوت بنعته. { لا تَعْلَمهم } منافقين، أو لا تعرفهم بأعيانهم مع كمال فطنتك لإفراطهم فى إخفاء النفاق، وكونهم بصورة المخلصين { نَحْن نَعلَمهم } إذ لا يخفى علينا شىء { سنُعذِّبهُم مرَّتيْن } مرة بالفضيحة، قال الكلبى، والسدى " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا يوم الجمعة فقال " اخرج يا فلان إنك منافق، اخرج يا فلان، اخرج يا فلان " " فيكون قد أعلمه الله بهم بعد، وأسر حذيفة بهم، فكان إذا مات أحد منهم لا يصلى عليه، فلامه عمر لم لا تصلى على مسلم مات؟ فقال لو كنت مثله ما صليت عليك، فقال أمنافق هو؟ قال ما كنت لأخبرك بسر رسول الله، فقال أناشدك الله أنا منهم؟ قال لا، ولا أؤمن بها غيرك، وقيل قال يا أمير المؤمنين إنه من القوم. وفى ذلك دليل لأصحابنا على أن النفاق فى القرآن فعل كبيرة غير شرك، إذ لا يشك عمر فى شرك نفسه، وأجيب بأنه خاف أن يكون فيه كبيرة شرك لم يطلع عليها، أو خاف أن يختم له بالشرك، ومرة بالقتل بأن أظهر الله منهم ما يوجب القتل، أو ما يلحقهم بالمشركين، وقال مجاهد مرة بالقتل والأسر، بأن أظهر الله منهم ما يوجب الحكم عليهم بحكم المشركين، وفيه ضعف، ومرة بالجوع، وعنه المرتان بالجوع. وقال قتادة مرة بخراج فى ظهورهم تنفذ فى صدورهم، ومرة فى القبر، وقال ابن زيد مرة بالمصائب فى الأموال والأولاد، ومرة فى القبر، وعن ابن عباس مرة بالفضيحة، ومرة فى القبر، وعنه مرة بإقامة الحدود، ومرة فى القبر.

السابقالتالي
2