الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ }

{ والَّذينَ كفَرُوا بعْضُهم أولياءُ بعْضٍ } فى النصر والإرث قاله ابن عباس، فلا مدخل لكم فيهم، جانبوهم وصارموهم، ولو كانوا أقارب لا توارثوهم ولا تعاونوهم ولا توادوهم، وإنما ذلك فيما بينهم من بعض لبعض، قرئ أولى ببعض، أما الكافر فلا يرث المسلم إجماعا ولو أسلم الكافر ولو بالولاء خلافا له أيضا فى الولاء، هذا ما عليه الجمهور، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى، وعليه مالك، وأبو حنيفة، وأحمد، والشافعى، وما ذكره عبد الوهاب المالكى عنه أن المسلم يرث عبده الكافر لم يصح عنه، وفى الحديث " لا يرث المسلم، أى الموحد، الكافر أى المشرك " وقال معاذ بن جبل، ومعاوية، وأبو المسيب ومسروق، والأوزاعى يرث المسلم الكافر لخبر " الإسلام يزيد ولا ينقص " أو " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " وقياساً على النكاح، والاغتنام، والقصاص فى الدماء التى لا تتكافأ، وأجيب عن الخبر إن صح بأنه يزيد ويعلق بفتح البلاد، ولا ينقص ولا يعلى عليه بالارتداد ونحوه. وعن العباس بأنه مردود لأن العبد ينكح الحرة ولا يرثها، والمسلم يغنم مال الحربى ولا يرثه، ولأن النكاح مبناه على الوالد وقضاء الوطر، والإرث على المولاة والمناصرة، لكن لما كان اتصالنا بهم بالتزوج فيه تشريف لهم، اختص بأهل الكتاب، وإن مات كافر عن زوجة حامل وأسلمت ثم ولدت، ورثه الولد على قول من قال إسلام الأم إسلام لولدها، والمشهور خلافه إلا إن كان ابن أمة، وقال بعض إن تلك المسألة مستثناة من قولهم لا يرث المسلم الكافر، وأجاب بعضهم بأنه إنما ورث حال الحكم عليه بحكم إليه وهو حاله فى بطن أمه وأبوه حى، والولادة إنما هى شرط لتحقق الإرث. والكفر بأنواعه ملة واحدة فيتوارثون عند الشافعى وأبى حنيفة، لأن أعظم الأمور يجمعهم وهو الشرك، فاختلافهم كاختلاف المذاهب فى الإسلام، وهم كالنفس الواحدة فى البطلان، والاجتماع على المسلمين، ولقوله تعالى { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } وقولهلكم دينكم ولى دين } وقولهولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم } وقولهفماذا بعد الحق إلا الضلال } وفى الاستدلال بالآية الثالثة نظر، فإن المراد لن ترضى عنك اليهود حتى تتبع ملتها، ولا النصارى حتى تتبع ملتها، وصحح بعضهم وذلك القول. وقال مالك، وأحمد اليهود ملة، والنصارى ملة، ومن عداهم ملة، والأولى أن يقول والصابئون ملة، و المجوس ملة، والوثنية ملة، ولا يتوارث أهل ملتين كما فى الحديث، وقال الله تعالىلكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } وأجيب بأن المراد ملة الكفر، وملة التوحيد، كما جاء فى بعض الطرق، لا يرث المسلم الكافر، وأن المعنى لكل من دخل فى دين محمد جعلنا القرآن له شرعة ومنهاجا، وقيل الذين كفروا بعضهم أولياء بعض فى النصر.

السابقالتالي
2