الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ ٱللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَآ أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَق } نعت لكتاب، والخبر محذوف، أى موجود، وقيل أغنى عنه الجواب، وقيل يجوز ذكر الخبر بعد لولا إذا كان خاصا فيجوز كونه جملة سبق، والمراد بكتاب الله حكمه أى لولا حكم الله السابق إثباته فى اللوح المحفوظ، وهو أن لا يعاقب المخطئ فى اجتهاده، وما قاله النبى، والعباس، وأبو بكر، لم يوافق الحق عند الله، وقد قالوه اجتهادا لا تشهيا، أو هو أى لا يعذب أهل بدر كما قال الحسن، وفى الحديث " لا يدخل النار من شهد بدرا أو من شهد الحديببية إلا تخلة القسم " وبذلك الذى قال الحسن. قال ابن جبير، ومجاهد، وابن زيد أو هو أن لا يعذب قوما بما لم يصرح لهم بالنهى عنه، كما قال محمد بن على بن الحسن بن على بن أبى طالب. وزعم بعض أن المراد أن لا يعذب قوما فعلوا ذنبا بجهالة، وقيل محو الصغائر على أن ذلك الفعل فى حقهم صغير فى تلك الوقعة، وقال الحسن فى رواية، وابن عباس، وأبو هريرة هو ما قضاه الله من إحلال الغنائم والفداء لمحمد وأمته لضعفهم، وكانت فى سالف الأمم محرمة، وكانت تنزل عليها النار فتحرقها، قال عكرمة ما أحلت الغنيمة قبلكم، ولا حرمت الخمر على أحد قبلكم، وقيل هو أنه سبق فى علمه أنه استحل لهم الفدية التى أخذوها، وقيل المراد عفو الله عن هذا الذنب، وقيل المراد بالكتاب القرآن، سبق نزوله فآمنوا به، وكان سببا للعفو عنهم، وقال الطبرى المراد ذلك كله. { لمسَّكُم فيما أخذْتُم } ما مصدرية أى فى أخذكم الفداء أو اسم أى فى ما أخذتموه وهو الفداء، وذلك أنهم أخذوه قبل أن يؤمروا به، قال ابن إسحاق لم يبق أحد ممن حضر بدرا إلا وأحب الغنائم إلا عمر ابن الخطاب، وسعد بن معاذ لم يحضر لهم أن قتلهم أعز للإسلام وأهيب لمن وراءهم. { عَذابٌ عَظيمٌ } هو عذاب الآخرة أو عذاب مهلك كالصيحة والخسف، أو عذاب غير ذلك، روى " أنهم لما أخذوا الفداء جاء عمر من الغد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر قاعدين يبكيان، فقال يا رسول الله أخبرنى من أى شئ تبكى أنت وصاحبك، فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد تباكيت لبكائكما؟ فقال صلى الله عليه وسلم " أبكى للذى عرض علىَّ أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علىَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة، لشجرة قريبة يريد العذاب المذكور فى الآية، ولو نزل عذاب من السماء ما نجا منه إلا عمر وسعد بن معاذ "