الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلآنَ خَفَّفَ ٱللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُنْ مِّنكُمْ مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوۤاْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ مَعَ ٱلصَّابِرِينَ }

{ الآنَ خَفَّفَ اللهُ عنْكُم } بإزالة تلك المشقة التى هى ثبات الواحد للعشرة { وعَلم أنَّ فيكُم ضَعفاً } أى ظهر فى الخارج أن فيكم ضعفا، فعبر عن الظهور فى الخارج بالعلم، لأنه لازم للظهور ومعيب له فى الجملة، وإلا فالله عالم بالأشياء فى الأزل، قبل أن تكون، أو الواو للحال، أى وقد علم أن فيكم ضعفا، فالعلم على بابه، والضعف ضعف البدن، وقيل ضعف البصيرة لا ضعف قلة، لأنه إنما خفف عنهم حين شق عليهم مقاومة الواحد العشرة وهم كثير حين التخفيف لا قليل، وكان بعضهم أضعف من بعض فى البدن، وبعض أضعف من بعض فى البصيرة، وبعض أضعف فيهما. ولو قيل المراد بالضعف ضعف البدن والبصيرة لجاز، وقرأ عاصم، وحمزة، وشيبة، وطلحة بفتح الضاد، وهما لغتان، والضم لغة الحجاز، والفتح لغة تميم، وكذلك اختلاف القراء فى الروم، وقرأ عيسى بن عمرو ضعفا بضم الضاد والعين، والمعنى واحدا وثلاثة مصادر، وقيل الضم فى الجسم، والفتح فى الرأى والعقل، وعليه فيختلف معنى القراءات، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع ضعفاء بضم الضاد وبفتح العين و الفاء مع المد جمع ضعيف، وحكاها النقاش عن ابن عباس وبين التخفيف بقوله { وإنْ يَكُنْ مِنْكُم مائةٌ صابرةٌ } بالفوقية عند نافع، وابن كثير، وابن عامر، وأبو عمرو، وعاصم، وإنما قرأ أبو عمرو، وعاصم هنا تكن بفقية، ويكن هناك بالتحتية نظرا إلى التأنيث فى صابرة، والتذكير فى يغلبوا، ولم يعتبر يغلبوا هنا لتأخره عن صابرة، وقرأ الباقون بالتحتية، وقرأ الأعرج بالفوقية فى المواضع الثلاثة، ولم يقرأ بها أحد فى { وإن يكن منكم ألف } { يغلبوا مائتَيْن } منهم وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين منهم { بإذْنِ اللهِ واللهُ معَ الصَّابرينَ } بالنصر و العون، والإشارة بذلك إلى أن الواحد يثبت للاثنين، ولا يحب عليه أن يثبت لثلاثة، وإنما مثل هنالك بمثالين، وهنا بمثالين، مع أنه يكفى المثال الواحد هنالك، والواحد هنا، للدلالة على أن القليل والكثير واحد. قال ابن جريج كان عليهم أن يثبت الواحد للعشرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حمزة فى ثلاثين راكبا، فلقوا أبا جهل فى ثلاثمائة راكب، فثقل ذلك عليهم وضجوا منه، ثم نسخ بمقاومة الاثنين بالواحد فقوله { إن يكن منكم عشرون } إلى آخر منسوخ لقوله { الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا } الخ، ولا يشكل عليه أن الإخبار لا ينسخ لما مر أن قوله { إن يكن منكم عشرون } الخ فى معنى الأمر، وكذا { فإن يكن منكم مائة صابرة } الخ وكذا قال الحسن بالنسخ، وذكر أنه ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظهر الإسلام وصار الجهاد تطوعا.

السابقالتالي
2