الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ }

{ وإنْ جَنحُوا } مالوا، أو يتعدى بإلى، وإذا وصل بلام فهى بمعنى إلى كما فى الآية وقيل يتعدى بإلى وباللام، وسمى جناح الطائر جناحا لأنه يميل، أو لأنه جانب { للسَّلْم } الصلح، وقرأ أبو بكر بكسر السين { فاجْنَح } مل، وقرأ الأشهب العقيلى بضم النون، وهو لغة قيس، قال أبو الفتح الضم القياس، لأن الثلاثى المفتوح العين اللازم ضم عين مضارعة أقيس كقعد يقعد، وهو أولى من جلس يجلس بالكسر، وأما الفتح فى قراءة الجمهور فلحرف الحلق { لَها } للسَّلم وهو يذكر ويؤنث، وقال أبو حاتم هو مذكر، فإنما يؤنث حملا على ضده وهو الحرب، أو لمعنى المسالمة والهدنة، وقيل هو مؤنث كالحرب، والآية محكمة بمعنى أنهم إذا أرادوا السلم فعاهدهم بحسب المصلحة إن رأيتها، وإلا فلا، وقال بعضهم ليس للإمام أن يهادنهم سنة كاملة إن كانت فيه قوة، وإن كانت القوة للمشركين جاز أن يهادنهم عشر سنين لا أكثر كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل مكة عشر سنين، ثم نقضوا العهد قبل انقضاء المدة. وقال ابن زيد، وعكرمة، وقتادة، والحسن منسوخة بآية القتال فى براءة، على أن الضمير فى جنحوا للكفار مطلقا، وقيل لأهل الكتاب قريظة لاتصال الآية بقصتهم وقال الطبرى هذه الآية فى من تجوز مصالحته، والتى فى براءة فى عبدة الأوثان فلا نسخ فى ذلك، وعن ابن عباس منسوخة لقولهفلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون } وهذا بعيد عن ابن عباس فيما قيل، والمشهور عنه أنها منسوخة بآية براءةقاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر } وقال مجاهد نسخت بقولهفاقتلوا المشركين } والحق أن الآية محكمة فى أهل الكتاب أو فى العموم، وأن السَّلم موقوف على مصلحة يراها الإمام. { وتَوكَّل عَلى اللهِ } فى السَّلم لا تخف خداعهم، فإن الله يرد مكرهم عليهم { إنَّه هُو السَّميع } لأقوالهم { العَليمُ } بأفعالهم وما أضمروه.