الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلْعَبِيدِ }

{ ذَلكَ } المذكور من الضرب والعقاب مبتدأ خبره { بمَا } بسبب ما { قَدَّمت أيدِيكُم } من الكفر والمعاصى، وذلك من كلام الملائكة فى أحد الأوقات المذكورة، أو من كلام الله سبحانه، والمراد بما كسبتم بقلوبكم وجوارحكم، وعبر عن ذلك باليد، لأن غالب الأعمال فى الجملة بها، أو المراد بالأيدى القوة. { وأنَّ اللهَ لَيسَ بظلاَّم للعَبيدِ } عطف على ما، أى وبأن الله للدلالة على أن كون ما قدمت أيديهم سببا للضرب، والعذاب إنما هو لكونه لا يظلم، ولو كان يظلم حاشاه لأمكن أن يعذبهم وتضربهم ملائكته بغير ما قدمت أيديهم، ولا يترتب على كونه يظلم حاشاه أن لا يعذبهم بما قدمت أيديهم، ولا تضربهم ملائكته، فإن ترك عقاب المسئ ليس ظلما شرعا ولا عقلا، فضلا عن أن يكون نفى الظلم سببا للعقاب، ولو كان ترك عقاب المسئ فى حق الله خروجا عن الحكمة، والعدل، فإن عقاب المسئ عدل، كما أن إثابة المحسن عدل، وثوابه وعقابه إنما هما على اختيار المكلف وتناوله، لا على مجرد الخير والشر، فإنه خالقهما والإلزام أن يكون يظلم حاشاه. والمبالغة فى ظلام ترجع للنفى فيما يقال، أو ظلام للنسب، أى ليس بذى ظلم، أو للمبالغة باعتبار كثرة العبيد، أو باعتبار عظم الذنب من حيث إنه لولا الاستحقاق لكان المعذب بالعبيد الكثير، أو المعذب بذلك العذاب العظيم بليغا فى الظلم، ويصح أن يكون ذلك خبرا لمحذوف هكذا، والحكم أن الله الخ.